لـَحن الـحَيآة
<
إبحار مع الشاعر التونسي الكبير / أبي القاسم الشابي رحمه الله تعالى http://www.terrambiente.org/habitat/...ntagne-500.jpg لـــــحـن الــحـيآة
إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة= فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي =ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة =تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـا ة= مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ= وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج= وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ: إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ =ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب =ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ ومن يتهيب صعود الجبال= يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب= وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ... وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ =وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ وقـالت لـي الأرضُ - لمـا سـألت:= أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــرْ? أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح =ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ وألْع. مــن لا يماشــي الزمـانَ =ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة= ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ= ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم= لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا ة, =مِــن..... العــدم المنتصِـرْ! وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف= مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجـــرْ ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم =وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ, =لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــرْ? فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام =ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ= مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ: يجــئ الشــتاءُ, شــتاء الضبـاب= شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ فينطفــئُ السِّـحرُ, سـحرُ الغصـونِ =وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ وســحرُ السـماءِ, الشـجيُّ, الـوديعُ =وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ وتهـــوِي الغصــونُ, وأوراقُهــا= وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ,= ويدفنُهَــا الســيلُ, أنَّــى عــبرْ ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ,= تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ =ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ, غَــبَرْ وذكــرى فصــولٍ, ورؤيـا حيـاةٍ, =وأشــباحَ دنيــا, تلاشــتْ زُمَـرْ معانقــةً - وهـي تحـت الضبـابِ,= وتحــت الثلـوجِ, وتحـت المَـدَرْ - لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ =وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ= وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ إن شاء الله تعجبكم :g042: |
الساعة الآن 05:58 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by