عرض مشاركة واحدة
قديم 10-16-2008, 07:20 PM   رقم المشاركة : 8
عضو فعال
 
الصورة الرمزية خيال الغلباء





خيال الغلباء غير متصل

خيال الغلباء is on a distinguished road


 

لوط ( عليه السلام ) :

هاجر لوط مع عمه إبراهيم - عليه السلام - إلى مصر ، ومكثا فيها مدة من الزمن ثم عادا إلى فلسطين ، وفي الطريق ، استأذن لوط عمه إبراهيم ، ليذهب إلى أرض سدوم ( بجوار البحر الميت في بلاد الأردن الآن ) حيث اختار الله لوطًا ليكون نبيًّا إلى أهل هذه الأرض ، فأذن له إبراهيم وذهب لوط إلى سدوم وتزوج هناك . وكانت أخلاق أهل تلك البلدة سيئة ، فكانوا لا يتعففون عن فعل المعصية ، ولا يستحيون من المنكر ، ويخونون الرفيق ، ويقطعون الطريق ، وفوق هذا كانوا يفعلون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين ؛ فكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء ، وأخذ لوط - عليه السلام - يدعو أهل سدوم إلى الإيمان وترك الفاحشة ، فقال لهم : { ألا تتقون . إني لكم رسول أمين . فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين . أتأتون الذكران من العالمين . وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون } [ الشعراء : 161-166 ]. لكن قوم لوط لم يستجيبوا له ، وتكبروا عليه ، وسخروا منه ، فلم ييأس لوط وظل صابرًا على قومه يدعوهم في حكمة وأدب إلى عبادة الله وحده ، وينهاهم ويحذرهم أشد التحذير من إتيان المحرمات وفعل الفواحش والمنكرات ، ومع هذا لم يؤمن به أحد واستمر الناس في ضلالهم وطغيانهم وفجورهم ، وقالوا له بقلوب قاسية : { ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين } [ العنكبوت : 29 ] وهددوه بطرده من القرية لأنه كان غريبًا في قومه ، فغضب لوط من قومه وابتعد عنهم هو ومن آمن به من أهل بيته إلا زوجته ، فقد كفرت وانحازت إلى قومها وشاركتهم في مضايقته والاستهزاء به ، وضرب الله بها مثلاً في الكفر ، فقال تعالى : { ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل ادخلا النار مع الداخلين } [ التحريم : 10] وخيانة امرأة لوط هي كفرها وعدم إيمانها بالله . وأرسل الله ثلاثة من الملائكة على صورة ثلاثة رجال هيئتهم حسنة ، فمروا على إبراهيم ، فظن إبراهيم أنهم بشر فقام على الفور وذبح لهم عجلاً سمينًا لكنهم لم يأكلوا منه ، وبشرت الملائكة إبراهيم بأن الله - سبحانه - سوف يرزقه بولد من زوجته سارة هو إسحاق ، ثم أخبرته الملائكة أنهم ذاهبون إلى قرية سدوم لتعذيب أهلها وعقابهم على كفرهم ومعاصيهم ، فأخبرهم إبراهيم بوجود لوط في هذه القرية ، فطمأنته الملائكة بأن الله سينجيه وأهله إلا زوجته لأنها كفرت بالله . وخرجت الملائكة من عند إبراهيم وتوجهوا إلى قرية سدوم ، فوصلوا إلى بيت لوط وكانوا في صورة شبان حسان ، فلما رآهم لوط خاف عليهم ، ولم يعلم أحد بقدومهم إلا آل لوط ، فخرجت امرأته وأخبرت قومها وقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط، فجاء القوم يسرعون إلى بيت لوط يبغون الفاحشة مع هؤلاء الضيوف ، واجتمع قوم لوط وازدحموا عند باب بيته وهم ينادون بصوت عالٍ يطلبوا من لوط أن يخرج لهم هؤلاء الضيوف ، وكل منهم يمني نفسه بالمتعة والشهوة الحرام مع هؤلاء الرجال ، فمنعهم لوط من دخول البيت ومن الهجوم والاعتداء على ضيوفه ، وقال لهم : { إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون . واتقوا الله ولا تخزون } [ الحجر : 68-69 ] وأخذ يذكرهم بأن الله خلق النساء لقضاء شهوة الرجال فهن أزكى لهم وأطيب ، ولكن قوم لوط أصروا على الدخول ، ولم يجد لوط من بينهم رجلاً عاقلاً يبين لهم ما هم فيه من الخطأ وأحس لوط بضعفه أمام هؤلاء القوم، فقال : { لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد } [ هود : 80 ]. وعندئذ كشف الضيوف عن حقيقتهم ، وأخبروا لوطًا بأنهم ليسوا بشرًا وإنما هم ملائكة من السماء جاءوا لتعذيب هؤلاء القوم الفاسقين ، وما هي إلا لحظات حتى اقتحم قوم لوط البيت على الملائكة فأشار أحد الملائكة ، بيده ناحيتهم ففقد القوم أبصارهم وراحوا يتخبطون بين الجدران ، ثم طلبت الملائكة من لوط أن يرحل مع أهله عندما يقبل الليل لأن العذاب سينزل على قومه في الصباح ، ونصحوه ألا يلتفت هو ولا أحد من أهله خلفهم عندما ينزل العذاب حتى لا يصيبهم . وفي الليل خرج لوط وابنتاه وتركوا القرية ، وما إن غادروها حتى انشق الصباح فأرسل الله العذاب الشديد على قرية سدوم ، فاهتزت القرية هزة عنيفة وتزلزلت الأرض ، واقتلع مَلَكٌ بطرف جناحه القرية بما فيها وارتفع بها حتى سمع أهل السماء نباح كلابها ثم انقلبت القرية رأسًا على عقب ، وجعل الله عاليها سافلها وأمطر عليهم من السماء حجارة ملتهبة تحرقهم ، وأحاط بهم دخان خانق يشوي وجوههم وأجسامهم . قال تعالى : { فلما جاءنا أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود . مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد } [ هود : 82-83 ] ونجَّى الله لوطاً وابنتيه برحمة منه سبحانه ، لأنهم حفظوا العهد ، وشكروا النعمة وعبدوا الله الواحد الأحد وكانوا خير مثال للعفة والطهارة ، وأصبحت قرية سدوم عبرة وعظة لكل الأجيال القادمة ، قال تعالى : { وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم } [ الذاريات : 37 ]. منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

 







توقيع :

  رد مع اقتباس