عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2008, 11:03 PM   رقم المشاركة : 10
عضو فعال
 
الصورة الرمزية خيال الغلباء





خيال الغلباء غير متصل

خيال الغلباء is on a distinguished road


 

إسماعيل ( عليه السلام ) :

كان إبراهيم - عليه السلام - يحب أن تكون له ذرية صالحة تعبد الله - عز وجل - وتساعده في السعي على مصالحه ، فعلمت السيدة سارة ما يريده زوجها ، وكانت عاقرًا لا تلد فوهبت له خادمتها هاجر ليتزوجها ؛ لعلها تنجب له الولد ، فلما تزوجها إبراهيم - عليه السلام - حملت منه ، وأنجبت له إسماعيل ، وبعد مرور فترة من ولادة إسماعيل أمر الله - عز وجل - إبراهيم أن يذهب بزوجته هاجر وولده إلى مكة ، فاستجاب إبراهيم لأمر ربه ، وسار بهما حتى وصلوا إلى جبال مكة عند موضع بناء الكعبة ، وظل معهما فترة قصيرة ، ثم تركهما في هذا المكان وأراد العودة إلى الشام ، فلما رأته زوجته هاجر عائدًا أسرعت خلفه ، وتعلقت بثيابه ، وقالت له : يا إبراهيم ، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء ؟!!! فلم يرد عليها إبراهيم - عليه السلا م- وظل صامتًا ، فألحت عليه زوجته هاجر ، وأخذت تكرر السؤال نفسه ، لكن دون فائدة ، فقالت له: آلله أمرك بهذا ؟ فقال إبراهيم : نعم ، فقالت هاجر : إذن لن يضيعنا ، ثم رجعت . وسار إبراهيم - عليه السلام - وترك زوجته وولده ، وليس معهما من الطعام والماء إلا القليل ، ولما ابتعد عنها إبراهيم ، رفع يده داعيًا ربه فقال : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون } [ إبراهيم : 37 ] ثم واصل السير إلى الشام ، وظلت هاجر وحدها ، ترضع ابنها إسماعيل ، وتشرب من الماء الذي تركه لها إبراهيم حتى نفد ما في السقاء ، فعطشت ، وعطش ابنها فتركته وانطلقت تبحث عن الماء ، بعدما بكى الطفل بشدة ، وأخذ يتلوى ، ويتمرغ أمامها من شدة العطش . وأخذت هاجر تمشي حتى وصلت إلى جبل الصفا ، فصعدت إليه ثم نظرت إلى الوادي يمينًا ويسارًا ؛ لعلها ترى بئرًا أو قافلة مارة من الطريق فتسألهم الطعام أو الماء ، فلم تجد شيئًا ، فهبطت من الصفا ، وسارت في اتجاه جبل المروة فصعدته وأخذت تنظر بعيدًا لترى مُنقِذًا ينقذها هي وابنها مما هما فيه ، إلا أنها لم تجد شيئًا كذلك ، فنزلت من جبل المروة صاعدة جبل الصفا مرة أخرى لعلها تجد النجاة وظلت هكذا تنتقل من الصفا إلى المروة ، ومن المروة إلى الصفا سبع مرات . وقد أصبح هذا السعي شعيرة من شعائر الحج ، وذلك تخليدًا لهذه الذكرى ، قال تعالى : { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرًا فإن الله شاكر عليم } [ البقرة : 158 ] وبعد أن تعبت هاجر ، وأحست بالإجهاد والمشقة ، عادت إلى ابنها دون أن يكون معها قطرة واحدة من الماء ، وهنا أدركتها رحمة الله - سبحانه - فنزل الملك جبريل - عليه السلام - وضرب الأرض ، فتفجرت وتدفقت منها بئر زمزم وتفجر منها ماء عذب غزير ، فراحت هاجر تغرف بيدها وتشرب وتسقى ابنها ، وتملأ سقاءها ، وشكرت الله - عز وجل - على نعمته ، وعلى بئر زمزم التي فجرها لها . ومرت أيام قليلة ، وجاءت قافلة من قبيلة جرهم - وهي قبيلة عربية يمنية - فرأت طيرًا يحوم فوق مكان هاجر وابنها ، فعلموا أن في ذلك المكان ماء ، فأقبلوا نحو المكان الذي يطير فوقه الطير ، فوجدوا بئر زمزم فتعجبوا من وجودها في هذه المكان ، ووجدوا أم إسماعيل تجلس بجواره ، فذهبوا إليها ، وعرفوا قصتها فاستأذنوها في الإقامة بجوار هذه البئر ، فأذنت لهم ، وعاشت معهم هي وابنها وتعلم منهم إسماعيل اللغة العربية ، وأخذت هاجر تربي ابنها إسماعيل تربية حسنة وتغرس فيه الخصال الطيبة والفضائل الحميدة ، حتى كبر قليلاً ، وصار يسعى في مصالحه لمساعدة أمه . وكان إبراهيم - عليه السلام - يزور هاجر وولده إسماعيل من حين لآخر لكي يطمئن عليهما ، وذات يوم رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل الذي جاء بعد شوق طويل ، فلما قام من نومه ، علم أن ما رآه ما هو إلا أمر من الله ؛ لأن رؤيا الأنبياء حق ، فذهب إبراهيم إلى ابنه ، وقال له : { يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى } [ الصافات : 102 ] فقال إسماعيل : { يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين } [ الصافات : 102 ]. وأخذ إبراهيم ابنه إسماعيل وذهب به إلى مِنَى ثم ألقاه على وجهه كي لا يرى وجهه عند الذبح ، فيتأثر بعاطفة الأبوة ، واستسلم إسماعيل لأمر الله ووضع إبراهيم السكين على رقبة ابنه إسماعيل ليذبحه ، وقبل أن يمر السكين سمع إبراهيم نداء الله تعالى يقول له : { يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إن كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين } [ الصافات : 104-106 ] وبعد لحظات من النداء الإلهي رأى إبراهيم الملك جبريل - عليه السلام - ومعه كبش عظيم ، فأخذه إبراهيم وذبحه بدلاً من ابنه إسماعيل . لقد أراد الله - عز وجل - أن يختبر إبراهيم في التضحية بابنه إسماعيل ، فلما وجده قد امتثل لأمره دون كسل واعتراض كشف الله هذا البلاء ، وفدى إسماعيل بكبش عظيم ، وقد أصبح يوم فداء إسماعيل وإنقاذه من الذبح عيدًا للمسلمين يسمي بعيد الأضحى ، يذبح فيه المسلمون الذبائح تقربًا إلى الله وتخليدًا لهذه الذكري الطيبة ، وعاد إبراهيم بولده إلى البيت ، ففرحت الأم بنجاة ولدها فرحًا شديدًا ، وكبر إسماعيل حتى أصبح شابًّا قويًّا ، وتزوج امرأة من إحدى القبائل التي استقرت حول بئر زمزم . وذات يوم زار إبراهيم - عليه السلام - ابنه إسماعيل ، فلم يجده في بيته ، ووجد زوجته وكانت لا تعرفه ، فسألها إبراهيم عن زوجها إسماعيل ، فقالت : خرج يبتغي لنا رزقًا ، فسألها عن عيشهم ، فقالت : إننا نعيش في ضيق وشدة ، فقال إبراهيم : إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه ، فلما عاد إسماعيل سأل زوجته : هل زارنا أحد اليوم ؟ قالت له : نعم ، زارنا شيخ صفته كذا وكذا ، فقال إسماعيل : هل قال لك شيئًا ؟ قالت : سألني عنك وعن حالتنا وعيشتنا ، فقال لها : وماذا قلت له ؟ قالت : قلت له : إننا نعيش في ضيق وشدة ، فقال إسماعيل : وهل أوصاك بشيء؟ قالت : قال لي : قولي لزوجك عندما يعود أن يغير عتبة بابه ، فقال إسماعيل : ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك ، فألحقي بأهلك فطلقها إسماعيل ، وتزوج بغيرها . ومرت فترة من الزمن ، ثم عاد إبراهيم لزيارة ابنه إسماعيل ، ولم يجده أيضًا ، ووجد زوجته ، وكانت هي أيضا لا تعرفه ، فسألها أين زوجك إسماعيل ؟ قالت له : خرج يبتغي لنا رزقًا ، فقال إبراهيم : وكيف أنتم ؟ قالت : نحن بخير وسعة ، ففرح إبراهيم بهذه الزوجة ، واطمأن لحالها ، فقال لها : إذا جاء زوجك فاقرئي له مني السلام ومريه أن يثبت عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل أخبرته زوجته بما حدث ، وأثنت على إبراهيم ، فقال إسماعيل : ذاك أبي وأمرني أن أمسكك . [ البخاري ]. وعاد إبراهيم إلى فلسطين ، وظل بها مدة طويلة يعبد الله - عز وجل - ثم ذهب لزيارة إسماعيل ، فوجده يبري نبلاً له قرب بئر زمزم ، فلما رآه إسماعيل قام إليه واحتضنه واستقبله أحسن استقبال ، ثم قال إبراهيم لابنه : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمرٍ . فقال إسماعيل : اصنع ما أمرك به ربك ، فقال إبراهيم : وتعينني عليه ؟ قال إسماعيل : وأعينك عليه فقال إبراهيم : إن الله أمرني أن أبني هنا بيتًا ، كي يعبده الناس فيه فوافق إسماعيل أباه وبدأ ينقل معه الحجارة اللازمة لبناء هذا البيت ، وكان إبراهيم يبني ، وإسماعيل يعينه ، حتى إذا ما ارتفع البناء واكتمل جاء جبريل بحجر من الجنة ، وأعطاه لإبراهيم ، ليضعه في الكعبة ، وهو ما يسمى بالحجر الأسود . وبعد أن انتهى إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - من بناء الكعبة وقفا يدعوان ربهما : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم } [ البقرة : 127-128 ] وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل - عليه السلام - ووصفه بالحلم والصبر وصدق الوعد ، والمحافظة على الصلاة ، وأنه كان يأمر أهله بأدائها ، قال تعالى : { واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًّا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيًّا } [ مريم : 54-55 ]. وكان إسماعيل رسولاً إلى القبائل التي سكنت واستقرت حول بئر زمزم ، وأوحى الله إليه ، قال تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } [ البقرة : 163 ] وقال تعالى : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط } [ النساء : 163 ] وكان إسماعيل - عليه السلام - أول من رمى بسهم ، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشجع الشباب على الرمي بقوله : ( ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا ) [ البخاري ]. وإسماعيل - عليه السلام - هو جد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو العرب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشًا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ) [ مسلم ]. منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

 







توقيع :

  رد مع اقتباس