عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-2008, 09:16 PM   رقم المشاركة : 4
عضو فعال
 
الصورة الرمزية خيال الغلباء





خيال الغلباء غير متصل

خيال الغلباء is on a distinguished road


 

هود ( عليه السلام ) :

في أرض اليمن ، وفي مكان يسمَى ( الأحقاف ) كان يقيم قوم عاد الأولى الذين يرجع نسبهم إلى نوح ، وكانوا يسكنون البيوت ذوات الأعمدة الضخمة ، قال تعالى : { إرم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد } [ الفجر : 7-8 ] ويبنون القصور العالية والحصون المرتفعة ، ويتفاخرون ببنائها ، قال تعالى : { أتبنون بكل ريع آية تعبثون . وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون } الشعراء : [ 128-129 ] ويملكون حضارة عظيمة ، وقد برعوا في الزراعة بسبب توفر الماء العذب الغزير وكثر لديهم الخير الوفير ، وكثرت الأموال والأنعام ، وأصبحت منطقتهم حقولا خصبة خضراء ، وحدائق زاهرة وبساتين وعيونًا كثيرة . وأعطى الله هذه القبيلة بنية جسدية تختلف عن سائر البشر ، فكانوا طوال الأجسام أقوياء . إذا حاربوا قومًا أو قاتلوهم هزموهم ، وبطشوا بهم بطشًا شديدًا ، قال تعالى : { وإذا بطشتم بطشتم جبارين . فاتقوا الله وأطيعون . واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون . أمدكم بأنعام وبنين . وجنات وعيون } [ الشعراء : 130-134 ]. وبالرغم من هذه النعم الكبيرة والخيرات الكثيرة التي أعطاهم الله إياها ، لم يشكروا الله - تعالى - عليها ، بل أشركوا معه غيره ؛ فعبدوا الأصنام ، وكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان ، وارتكبوا المعاصي والآثام ، وأفسدوا في الأرض ، فأرسل الله لهم هودًا - عليه السلام - ليهديهم إلى الطريق المستقيم وينهاهم عن ضلالهم ويأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له ، ويخبرهم بأن الله - سبحانه - هو المستحق للشكر على ما وهبهم من قوة وغنى ونعم ، فقال لهم : { يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون } [ الأعراف : 65 ] فتساءلوا : ومن أنت حتى تقول لنا مثل هذا الكلام ؟‍‍! فقال هود - عليه السلام - { إني لكم رسول أمين . فاتقوا الله وأطيعون } [ الشعراء : 125-126 ] فرد عليه قومه بغلظة واستكبار : { إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين } [ الأعراف : 66 ] فقال لهم هود : { يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين . أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين } [ الأعراف : 67-68 ]. فاستكبر قومه ، وأنكروا عبادة الله ، وقالوا له : { يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين } [ هود : 53 ] وقالوا له : وما الحالة التي أنت فيها ، إلا أن آلهتنا قد غضبت عليك ، فأصابك جنون في عقلك ، فذلك الذي أنت فيه ، فلم ييأس هود - عليه السلام - وواصل دعوة قومه إلى طريق الحق ، فأخذ يذكرهم بنعم الله -تعالى - عليهم ؛ لعلهم يتوبون إلى الله ويستغفرونه ، فقال : { واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون . أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون } [ الشعراء : 132-134 ] ثم قال : { ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارًا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين } [ هود : 52 ]. ولم يجد هود - عليه السلام - فيهم إلا قلوبًا ميتة متحجرة متمسكة بغيها وضلالها ، وإصرارها على عبادة الأصنام ، إذ قابلوا نصحه وإرشاده لهم بالتطاول عليه والسخرية منه ، فقال لهم : { إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون . من دونه فكيدوني جميعًا ثم لا تنظرون . إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم . فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قومًا غيركم ولا تضرونه شيئًا إن ربي على كل شيء حفيظ } [ هود : 54-57 ] فاستكبروا وتفاخروا بقوتهم وقالوا لهود : { من أشد منا قوة } [ فصلت : 15 ] وأخذوا يسخرون منه ويستعجلون العذاب والعقوبة في سخرية واستهزاء فقالوا : { فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } [ الأعراف : 70 ]. فقال هود - عليه السلام - : { قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين } [ الأعراف : 71 ] وبدأ عذاب الله لقوم عاد بأن أرسل عليهم حرًّا شديدًا ، جفَّت معه الآبار والأنهار ، وماتت معه الزروع والثمار ، وانقطع المطر عنهم مدة طويلة ، ثم جاء سحاب عظيم ، فلما رأوه استبشروا به ، وفرحوا ، وظنوا أنه سيمطر ماءً ، وقالوا : { هذا عارض ممطرنا } [ الأحقاف : 24 ]. لقد ظنوا أن السحب ستأتي لهم بالخير ، لتروي عطشهم وتسقي إبلهم وخيولهم ، وزرعهم وبساتينهم ، ولكنها كانت تحمل لهم العذاب والفناء ، فجاءتهم ريح شديدة استمرت سبع ليالٍ وثمانية أيام دائمة دون انقطاع ، تدمر كل شيء أمامها حتى أهلكتهم ، قال تعالى : { ريح فيها عذاب أليم . تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين } [ الأحقاف : 24-25 ]. ونجَّى الله هودًا ومن آمنوا معه ، قال تعالى : { فأنجيناه والذين آمنوا معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين } [ الأعراف : 72 ] وسار هود - عليه السلام - ومن معه من المؤمنين إلى مكان آخر يعبدون الله فيه ويسبحونه . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

 







توقيع :

  رد مع اقتباس