بسم الله الرحمن الرحيم
وقعة تين :
اخي الكريم ولد بداح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد كل ماذكره القحاطين والهواجر صحيحا في تين الثانية الا قصيدة الله لايسقي نهار على تين فقد تداخلت عند الرواة مع تين الاولى وجرى فيها تحريف لتوافق اهواءهم وبينهما احدى وثلاثين سنة تقريبا ويوم تين الاولى وقعة للدواسر اتباع الدولة السعودية الاولى والقحاطين اتباع الدولة السعودية الاولى ومعهم غيرهم ضد حكومة الأشراف في الحجاز , وكان قائد المعركة هو ربيع بن زيد المخاريم الدوسري الأمير المعين من قبل ابن سعود على وادي الدواسر ، كما ذكر في كتاب ابن بشر وابن بسام والفاخري . وبخصوص وقعة (( تين )) فقد أشار إليها أبن بشر في تاريخه 1\241-244 سنة 1212هــ قال : (( وفي هذه السنة في شوال سار غالب بن مساعد شريف مكة بالعساكر العظيمة من البادية والحاضرة وأهل مصر والمغاربة ، وسار بعدد عظيم وعدة وكيد هائل من المدافع والآلات ، وتوجه إلى بلد رنيه ونازل أهلها وحاصرها ودمر فيها نخيلا وزرعاً ووقع بينه وبين أهلها قتال شديد قتل فيه من عسكر غالب عدة قتلى وأقام محاصرها عشرون يوماً . ثم ارتحل منها وقصد بلد بيشة ونازل أهلها وحصل بينهم قتال ، وكان له في البلد بطانه فمالوا معه فظفر بها ودخلوا في طاعته وأقام عليها أياماً ، وكان قبل حصاره بلد رنيه وبيشة قد أغار على قبائل من قحطان ، وأخذ عليهم إبلاً كثيرة وأمتعة وقتل منهم عدة قتلى , ثم أقبل من بيشة ونزل الخرمة القرية المعروفة قرب تربة ، وقد أعجب بنفسه والله غالب أمرة ، وكان سعود حين سار إلى الشمال في تلك الغزوة المذكورة بلغه في أثناء طريقه مسير غالب هذا ، فكره الرجوع ورد من غزوه جيشاً من بعض أهل النواحي قليلاً ليكونوا ردءاً للعربان وعوناً لهم , ثم أرسل عبدالعزيز ( ليس المعنى الملك عبدالعزيز بل الامام عبدالعزيز بن محمد بن سعود الحاكم الثاني في الدولة السعودية الاولى ) إلى هادي بن قرملة ( والد محمد ) ومن لديه من قبائل قحطان ، وربيِّع بن زيد أمير الوادي ومن معه من الدواسر وغيرهم ، وأمر أيضاً على قبائل من أخلاط البوادي وجيشاً من الحضر ، وأمرهم أن يجتمعوا ويكونوا في وجه الشريف ، فقوى الله عزائمهم وساروا إليه حتى داهموه في منزله في الخرمه المذكورة ولم يقفوا دون خيامه ، وألقى الله الرعب في عساكر الشريف وانهزموا لا يلوي أحد على أحد ، وتركوا خيامهم ومحلهم وجميع أموالهم ، وتبعهم تلك العربان في ساقتهم يقتلون ويغنمون ، فمن وقف منهم للقتال قتل ومن أنهزم أدرك فقتل ، ومن فايت فبين ناج وهالك ظمأ وضياعا ، فكانت واقعة عظيمة ومقتلة كبيرة ، إلى أن قال من ضمن من قتل في هذه الوقعة الشريف مسعود بن يحي بن بركات وأبن أخيه هزاع وعبد الملك بن بثينة وسلطان بن حازم وحسن الياس وغيرهم من الأكابر . وقد اورد ابن بسام القصيدة التي حرفها بعض العوام لتوافق هواه في مخطوطته كما اورد ابياتا منها الفاخري رحمه الله وهذه القصيدة مجموعة من المؤرخين ورواة الدواسر :
الله لا يسقي نهـار علـى تيـن
يومٍ غدينا يا شجيع بـه أقطـاع
جونا الدواسر مع فريق القحاطين
كلنا لهم بالمد واوفوا لنا الصـاع
ياشيب عيني يوم قالوا عجاليـن
ود الذليل انه ترابٍ مـن القـاع
جونا الدواسر مثل وردٍ محيميـن
جونا وجيناهم على كـل مطـواع
حطيت بالرجلين زيـن التواميـن
ووسطتها ما بينهم تقـل فـراع
والخيل مثل مغلتـات الشياهيـن
والقلب من كثر المثارات يرتـاع
نبي نرد ولا أودعونا (الوداعيـن)
ربعٍ تحب القتل ما هـوب الأطمـاع
لحقوا بنا مثل الرياح ( البداريـن )
ويا ما وطوا منا على صحصح القاع
ياشوفة الله ليلة الغزو ملفيـن
لو تجمع الستين عشاهم الصـاع
يا فضحنا من لابسات السباهيـن
اللي يديرن الشويرع بالأصبـاع
الأشراف لانوا عقب ما هم بقاسين
والشق ما يرفاه خمسة عشر باع
وأشار إليها كذلك المؤرخ الشيخ عبدالله بن محمد البسام المتوفي عام1927، في كتاب [ تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق ] وذكر ذلك في أحداث سنة 1212هـ يقول : (( ففي شهر شوال سار غالب بن مساعد شريف مكة بالعساكر العظيمة من البادية والحاضرة و أهل مصر والمغرب ومعه المدافع والآلات وتوجه إلى بلدة رنيه وحاصرها وحصل بينه وبين أهلها قتال شديد قتل فيه من جيشه عدة رجال وكان الحصر لمدة عشرين يوم ثم ارتحل وقصد بيشه فحارب أهلها وكان له فيها بطانه فاستطاع إن يستولي عليها وان يدخل أهلها في طاعته وقبل حصاره بيشه ورنيه أغار على قبائل من قحطان واخذ منهم إبلا كثيرة فأرسل الإمام ابن سعود إلى هادي بن قرمله ومن معه من قبائل قحطان والى ربيع بن زيد أمير وادي الدواسر والى بعض البادية والحاضر ان يتوجهوا لمواجهة الشريف فقوى الله عزائمهم وصبحوهم على القنصلية فهرب الشريف وعساكره لا يلوون على شيئ وبعث الله الرعب في قلوبهم وتركوا خيامهم وذكر المؤرخين إن القتلى بلغوا ألف ومائتين )) وقد أشار إليها كذلك الفاخري في مؤلفاته التاريخية تاريخ الفاخري المسمى قديما بالاخبار النجدية بخصوص حوادث سنة 1212 هـ .. يمنكم الرجوع لكتاب الفاخري والتأكد من ذلك .. عجالين : العجالين أمراء الفرجان من الدواسر
البدارين : إحدى قبائل الدواسر الوداعين : إحدى قبائل الدواسر
كما تطرق الأمير محمد بن احمد السد يري في قصيدته (( الملحمة الزايدية )) لمعركة الأشراف وذكر أسماء الأشراف وهي مطابقة لتلك التي ذكرها ابن بسام المتوفي سنة 1927
وش حل بالأشراف (غالب )و(راجح)
أقفـو كمـا صيـدٍ حدتـه إضـراه
اقفو على قب تخافـق مـع الوطـا
تنـازا بطوعـات الرقـاب حــذاه
من ولب عطبين السهـوم آل زايـد
لهم صانع السيـف الصقيـل حنـاه
وقد ذكر الابيات اكثر من مؤلف لدواوين العرب ومنهم صاحب الصيد في جوف الفراء حيث أورد أبياتاً للشريف راجح بن عمرو الشنبري أولها :
الله لا يسقي نهار على (تين)
يوم غدينا ياشجيِّع به أقطاع
جونا الدواسر مع فريق القحاطين
وكلنا لهم بالمد وأوفوا لنا الصاع
كما أورد المؤلف صورتين واضحتين لجبل (تين)، وعلق على ذلك في ص 17-18 بقوله: رحلة ممتعة لتصوير بعض الجبال: وفي الصباح تم تصوير جبل ظلم ، ثم واصلنا السير إلى بلدة الخرمة ، وفيها وجدنا شاباً فيه مروءة وشهامة ورجولة اسمه فراج بن مشبب السبيعي وسألناه عن موقع جبل تين ، فرحب بنا وقال : أنا الآن في طريقي إليه حيث يقطن أهلي قريباً منه ، ولكنه أصر على أن يكرمنا ، ونتغدى عنده ، فاعتذرنا لضيق الوقت ووعدناه مستقبلاً وانطلق بسيارته وعندما قطع مسافة أربعين كيلاً تقريباً من بلدة الخرمة ترك الأسفلت ، واتجه شرقاً، وأرانا جبل ( تين ) و ( برام ) و ( عنيزة ) و ( حمرة ) و ( كحيل ) بحدود خمسين كيلاً ، وفي هذه المنطقة تم تصوير الجبال التالية : تين ، برام ، حمرة ، عنيزة ، سرحة الشيخ خشمان بن شارع ال هليمة شيخ بني ثور وهي سرحة كبيرة تغدينا تحتها يوم الخميس ، وهذه السرحة قيل إن خشمان كان يستقبل ضيوفه تحتها ويكرمهم ، شمال تين وجنوب جبل برام ، ومن قبل صورنا جبل الدوسري ، وهو جبل مشهور وفيه ماكر للطيور النادرة ، وهذا الجبل اسمه الجاهلي ( هضاب صُفيّة ) كما صورنا جبل ( ظلم ) وعدداً من الجبال من بينها : القطيات والعرائس والأنسر والكود وخفا ، وفي غار جميل القطيات أعددنا الغداء يوم الجمعة 28-4-1428هـ ، وانظر صورة جبل تين رقم (1) انتهى. ثم قال رأيت أن السفر من بريدة إلى جبل تين الوارد في قصيدة حماسية منصفة لمجرد الاطلاع عليه هو طموح إلى المعرفة قد قل عند العرب في العصور الأخيرة مع أنه كان لأوائلهم القدح المعلى في هذا المضمار . انتهى اما تين الثانية فهي للقحاطين والهواجر على الشريف سلطان كما بينا سابقا وليست القصيدة المشهورة السابقة فيها بل في الاولى وبينهما قرابة احدى وثلاثين سنة منقول بتصرف وانت سالم وغانم والسلام