قال قيس بن الملوح مخاطباً ليلى :
تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ=ولم يبد للأتراب من صدرها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا=إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
فأجابته ليلى باكية لما سمعت شعره :
كلانا مظهر للناس بغضاً=وكل عند صاحبه مكيـن
تخبرنا العيون بما أردنا=وفي القلبين ثم هوى دفين
فلما سمع مقالتها خر مغشياً عليه , فلما أفاق قال:
صريع من الحب المبرح والهوى=وأي فتى من علة الحب يسلم
ففطن جلساؤه عند ذلك فأخبروا أباها, فحجبوها عنه وعن سائر الناس ، فلما حجبت عنه
أنشأ قيس بن الملوح يقول:
ألا حجب عني ليلى والى أمرها=عليّ يمينياً جاهـلاً لا ازورها
وأوعدني فيهـا رجـال أبوهـم=أبي وأبوها ثخنت لي صدورها
على غير شيء غير أني أحبها=وإن فؤادي عند ليـى أسيرها
وإني إذا حنّت إلى الإلف إلفها=همّا بفؤادي حيث حنت سحورها
ولما عرف عنه بين القبائل حبه لإبنة عمه وولعه بها قام أبوه وإخوته وبنو عمه وأهل بيته فأتوا أبا ليلى وسألوه
بالرحم والقرابة ورب العرش العظيم أن يزوجها منه, وأخبروه أنه أبتلي بها .
فأبى أبو ليلى وحلف فأخرجه أبوه إلى مكة كي يدعو الله في بيته الحرام أن يعافيه مما أبتلي فيه فلما قدما مكة
قال له أبوه: يا قيس قل اللهم ارحني من ليلى وحبها.
فقال قيس: اللهم منّ عليّ بليلى وقربها, فضربه أبوه فأنشد يقول:
دعا المحرمون الله يستغفرونه=بمكة شعثاً كي تمحى ذنوبها
وناديت يا رحمن أول سؤلتي=لنفسي ليلى ثم أنـت حسيبها
وإن أعط ليلى في حياتي لم يتب=إلى الله عبد توبة لا أتوبها
فأخذ أبوه بيده إلى محفل من الناس فسألهم أن يدعوا الله له بالفرج فلما أخذ الناس في الدعاء له
فأنشد يقول:
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج=بمكة والقلوب لها وجيب
أتوب إليك يا رحمن مما=عملت فقد تظاهرت الذنوب
فأما من هدى ليلى وتركي=زيارتها فإني لا أتوب
وكيف وعندها قلبي رهين=أتوب إليك منها أو أنيب
ومرض الشاعر العاشق مرضاً كبيراً وازدادت علته وتعسرعلاجه وأعيا الأطباء دواؤه ولم ينجح فيه الدواء
وصار إلى أسوأ حال من توحشه في الصحاري فشق ذلك على ليلى وأذهلها فدعت بغلام وكتبت إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم والله يا إبن عمي إن الذي بي أضعاف ما بقلبك ولكن وجدت السترة أبقى للمودة
وأحمد في العاقبة ثم أنشدت قائلة :
فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى=بأرعن ركناه صفاً وحديد
تقطع مـن وجد وذاب حديده=وأمسى تراه العين وهـو عميد
ثلاثون يوماً كل يوم وليلة=أموت وأحيا إن ذا لشديد
فأجابها قيس عن كتابها بعدة أبيات منها:
وجدت الحب نيراناً تلظـى=قلوب العاشقين لها وقود
فلو كانت إذا احترقت تفانت=ولكن كلما احترقت تعود
كأهل النار إذا نضجت جلودٌ=أعيدت للشقاء لهم جلود
وبينما هو في أودية الغيل وهو حزين كئيب إذ مر به فارسان فنعيا إليه ليلى وقالا:
مضت لسبيلها فخر قيس مغشياً عليه, فلما أفاق مضى حتى دخل الحي بعدما لم يكن يمر به إلا من بعيد
فأتى أهل بيتها فعزاهم فعزوه فقال:
دلوني على قبرها, فلما عرفه رمى بنفسه
على القبر والتزمه وأخذ يقول فيها القصائد والأشعار
وأصبح قيس هائماً في الصحراء لا يرجع إليه عقله
إلا بذكر ليلى ورثائها حتى يغشى عليه.
ويقول أحد الأعراب:
فلما أن بكرت إليه وطلبته فلم أقدر عليه فانصرفت إلى الحي وأعلمتهم. فقام إخوته وبنو عمه وأهل بيته
فطلبناه يومنا وليلنا فلما أصبحنا هبطنا إلى وادٍ كثير الحجارة والرمل إذا به (ميتاً) وقد كان خط بإصبعه
عند رأسه هذين البيتين من الشعر:
توسد أحجار المهامة والقفر=ومات جزِع القلب مندمل الصدر
فياليت هذا الحب يعشق مرة=فيعلم ما يلقى المحب من الهجر
***
لقد ثبتت في القلب منك محبة=كما ثبتت في الراحتين الأصابع
نهاري نهار الناس حتى إذا بدى=لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى=ويجمعني والهم بالليل جامع
ويقول :
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما=يظنان كل الظن أن لاتلاقيا
& & &
وقد أعاد الشاعر سعد بن ثلاب السبيعي المعروف بـ ( شاعر التوباد )
إكتشاف غار قيس وليلى من جديد بعد أن كاد يتلاشى موقعه لعدم تحديده جغرافياً وينسب إبن ثلاب
الفضل في إكتشافه من جديد إلى عجوز طاعنة في السن جاءت إليه مستغيثة تناشده استرجاع
غنمها التي اعتلت جبل التوباد ولبى نداءها ووجدها رابضة في غار أثار في نفسه جملة من الشكوك حوله ؟؟!!!
وعلى الفور انطلق ابن ثلاب صوب الرياض قاصداً الأديب الشاعر عبدالله بن خميس من أجل دعوته
لمشاهدة الجبل والغار ولبى ابن خميس الدعوة وزار الجبل لكنه لم يصعده لألم في ركبته عافاه الله منها
ومتعه بالعافية وقال : هذا هو جبل المجنون وهذا غاره .
& & & &
ختاماً نلاحظ الإهمال الواضح لهذا المعلم التاريخي الذي يحكي قصة الحب التاريخي (قيس وليلى)
بينما لو اتجهنا إلى مدينة فيرونا الإيطالية التي جسدت قصة روميو وجوليت نجد الإهتمام الواضح
على الرغم من أن قصة قيس وليلى هي الأشهر والأجمل .
منقول
وأتمنى / أن اكون أثريـت ( عقولكم ) بـنقل هذه القصـه ، ................. ودمتـم بـ/ ود،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
وهذه إضافة من قبل إدارة موقع ومنتديات القبابنة
وجبل التوباد يقع وسط قرية الغيل من الناحية الشمالية للوادي وهوعلى شكل سفينة متجهه للشرق
والجبل متدرج الإرتفاع من جهة الشرق مما يسهل الصعود عليه وبه غار كان مجنون ليلى يرتاده ويلتقي فيه بحبيبته ليلى العامرية
ويقع الغار من الناحية الشمالية من الجبل وهو غار بابه ضيق وأما داخله ففسيح ويشبه الغرفة ، والجو داخل الغار يختلف عن الجو
في الخارج فهو بارد في الصيف ودافئ في الشتاء .
وطبيعة هذا الغار أنه شديد الإنعزال عن الناس حيث أن الذي يسير تحت الجبل لا يشاهد هذا الغار ، وكذلك الذي يسير من أعلاه
ولذلك كان يلتقي فيه الحبيبين بعيداً عن الناس وقريباً منهم في آن واحد .
وفي الجهة الجنوبية من الجبل يقع غار عريض يوجد به مربط الفرس وهو حجر كبير يقف بشكل عامودي
يقال أن قيس كان يربط به فرسه
ويبدو أن قصة قيس وليلى شقت طريقها للعالمية ، فأصبحت أسطورة للحب العذري العفيف ، فمن الملاحظ أن زوار
جبل التوباد من جميع الجنسيات وليس حصرا على العرب ، بل قد يكون مرتادي الجبل من الجنسيات الغير عربية كالهند
وباكستان وشرق آسيا أكثر من زواره العرب ، وعندما سئل أحد زواره وكان مهندس من الهند ويعمل في أحد الشركات
في المنطقة الشرقية أخبرني أن قصة مجنون ليلى مضرب للمثل عندهم في الحب والهيام والعشق
وإن لها الكثير من المؤلفات و الكتب والروايات التي تتحدث عنها بلغتهم ، وقد صورت لها العديد من الأفلام
والمسلسلات ولذلك جاء لزيارة هذا الجبل الذي كان يلتقي فيه قيس بليلى .
اما إحداثيات جبل التوباد لمن يرغب بزيارته فهو على هذا الإحداثي:
N 22 34 381
E 46 31 300