{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ}
إنه التجرد الكامل لله ، بكل خالجة في القلب وبكل حركة في الحياة؛ بالصلاة والاعتكاف وبالمحيا والممات، بالشعائر التعبدية وبالحياة الواقعية وبالممات وما وراءه . إنها تسبيحة التوحيد المطلق، والعبودية الكاملة، تجمع الصلاة والاعتكاف, والمحيا والممات، وتخلصها لله وحده لله رب العالمين، القوام المهيمن المتصرف المربي الحاكم للعالمين، وبذلك أمرت فسمعت وأطعت وأنا من المسلمين. فلا بد من التجرد لله تعالى في جميع التصرفات والأفعال فلا تُصْرف لحظة إلا وهي خالصة لله، فعبادتي لله وذبحي وقرباتي لله وحياتي لله ومماتي لله، فهو المقصود لذاته في جميع الأفعال، فلا يجوز صرف عبادة ولا جزء منها لغيره وإلا فقد جَعلت لله شريكا حاشاه ذلك فهو رب العالمين . فمن عاش لله ولتوحيد الله سرى هذا التوحيد في دمائه، حتى ينبض قلبه بحب الله فلا يرى إلا ما يرضيه، ولا يقترف إلا ما يُقربه من حبيبه، شوقا إليه وإجلالا له، حتى يرتقي إلى منزلة الولاية فيكون وليا لله حقا، فيعيش وقلبه بذكر الله عامر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أنا سجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة ، فكان حاله كما قال تعالى في الحديث القدسي: (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه). فاللهم اجعل أعمالنا وأقوالنا خالصة لوجهك الكريم، آمين.