بسم الله الرحمن الرحيم
للإمام الشافعي رحمه الله كلام رائع ومفيد حول سورة العصر فيقول رحمه الله لو نزلت هذه السورة على الناس لكفتهم (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) فهنا السورة تخبرنا أن الحق يحتاج إلى صبر فالتمسك بالحق لابد من الصبر عليه وتحمل المتاعب وتحمل المشاق في سبيله وهذا هو ديدن الأنبياء والصحابة والعلماء والرجال الحكماء . لو تذكرنا سيرة محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال له عمه أبو طالب يا محمد إن قريش يخيرونك اطلب ما تشاء واترك هذه الدعوة فقال يا عماه والله لو وضعوا الشمس عن يميني والقمر عن يساري ما تخليت عنه . أو كما قال عليه الصلاة والسلام . وهنا علم أبو طالب موقف ابن أخيه الثابت ولن يتزعزع بعد هذه الكلمة وفعلاً استمر نبينا عليه الصلاة السلام ، بمثل هذه المواقف الثابتة وتعرض لأشد منها حتى وطئت قدمه مكة مرة أخرى ومعه الفتح المبين، وكان الذين يهاجمونه بالأمس و يلاحقونه في هجرته يطلبون منه العفو الآن ، وهذا الفرق بين دعاة الضلال وأصحاب الأهواء والرغبات وبين أصحاب الحق إن العاقبة للمتقين.وإن المبادئ والقيم الشريفة هي من تنتصر في الأخير ويعلو صوتها ويكبر. لو بقينا أيضا في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم لوجدنا في كل موقف درس وعبرة فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه قالوا: لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون} والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك". والمواقف كثيرة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وإن ذهبنا لصحابته الكرام لوجدنا موقف أبو بكر رضي الله عنه في معركة الردة عندما منعت بعض القبائل دفع الزكاة فقال رضي الله عنه والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لحاربتهم عليه ، وفعلا كان هذا الموقف يعتبره المؤرخون أهم موقف حفظ تماسك الدين في الجزيرة العربية فتمسك رضي الله عنه بالحق وصبر عليه ، وكذلك موقف الشهيد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، عندما رفض خلع نفسه من الخلافة ولم يستسلم لطلبات المغرضين وأصحاب الأهواء والعقول الصغيرة، واستشهد في سبيل بسبب هذا الموقف وبقى الإسلام ، وموقف أيضا للعلماء موقف الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في موقف خلق القرآن فلقد وقف موقف الوحيد حمى الله به الإسلام ، رغم التعذيب، ورغم تخلي الكثير عنه بقى موقفه ثابت . ومن المواقف للدعاة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فلقد تحمل في سبيل الدعوة الكثير فهدد رحمه الله بالقتل وطرد وأوذي، وفي الأخير أشرقت دعوته في أرجاء البلاد وكسب أجر من تبعه وترك للأعداء الحسرات تلو الحسرات .وهكذا هم الرجال أصحاب الحق وأصحاب القيم والمبادئ يرون الحق مطلب وغاية ولا طعم للحياة بدونه ، بهذا اختم هذا المقال أن الحق لا ينفصل عن الصبر ولا يحيد عنه أنمله واحدة فلا تتوقع يا أخي و أختي إن المسألة سهلة أو ان الطريق مفروش بالورد دون شوك إطلاقا فتوكل على الله وتمسك بالحق وأصبر عليه فإن العاقبة للمتقين
العرض العادي
