|
” |
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعد بن عبدالله
|
|
الانتحار كما هو معروف أخي سعد بن عبدالله هو قتل الانسان لنفسه وهو بلا شك فعل شنيع ومسلك خطير لا يسلكه الانسان ويتوجه إليه إلا بعد ان يتخلى عن معاني الانسانية ويتغلف قلبه وعقله بعتمة من الاحباط والقنوط، ولهذا قد جاء تحريمه في شريعة الاسلام بصيغة الحزم والتأكيد مع الوعيد والتهديد، يقول الله تعالى «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما».
فدل هذا على تحريم الاعتداء على النفس، بكل انواع الضرر. القتل وما دونه فالنفس لا يملكها العبد مطلقا حتى يتصرف فيها بما شاء بل يتصرف فيها بالخير ولهذا توعد الله من خالف هذا النهي وعيدا شديدا وهدده فقال «ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا». وفي الصحيحين عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة». وروى مسلم والترمذي وابن ماجه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه ان رجلا قتل نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، هذا لفظ الترمذي. وفي رواية ابن ماجه وكان ذلك منها ادبا اي ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه تأديبا لغيره الا يقتل نفسه وينتحر وذلك لعظم هذه الجريرة وشناعتها وفي هذا الصدد يقول الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، ان المنتحر او القاتل لنفسه ورد في حقه وعيد شديد وانه يعذب بحديدته او بآلته التي قتل بها نفسه يوم القيامة وقد وردت الادلة على ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها ابدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجاء بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا». ورغم هذا الوعيد إلا ان الذي يقدم عليه من المسلمين كما هي عقيدة اهل السنة والجماعة انه تحت مشيئة الله ان شاء عذبه بما يستحق وان شاء ادخله الجنة بعد ان يعذب فلا يخلد في النار احد من اهل الكبائر فالانتحار هو انهاء الانسان حياته بنفسه والاصل فيه ان يكون بناء على تفكير اي انه ليس نتيجة خطأ في حركة القتل او فقد عقل وهو لا يكون إلا نتاج أمرين:
أولهما: الشعور بفقد قيمة الحياة، أي اليأس من أي فرج وسعادة.
وثانيهما: توهم ان ما بعد الانتحار الموت اخف مما يعانيه في حياته من ويلات. والامران لا يكونان الا نتيجة فقد الايمان بالله وفق التصور الاسلامي ولا يمكن ان تقع حالة الانتحار من مسلم يعي هذين الامرين كما جاء بهما الاسلام.
فأما الاول فإن منطق المسلم انه لاييأس ابدا فاليأس سمة الكفار «إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فالمسلم يشعر انه على خير في كل احواله حتى في حالات العسر والاعاقة والنكبات حيث يظل مستمسكا بحبل الله ودينه يجعله مرتبطا بأمل حقيقي لا وهمي فهو في صبره على الضراء مثاب، وهو في حال اعاقته يكسب ثواب عمله الذي كان يكسبه وهو سليم وهو في حال النكبة يثق بأن وراء ما هو فيه حكمة من الله ليقينه بعدل الله وحكمته
والامر الثاني هو توهم ان ما بعد الحياة اخف مما يعانيه اذا انهى حياته فأبعد ما يكون عند تصور المسلم الذي يستحضر النصوص الكثيرة الواردة في وعيد من ينتحر بالعذاب الذي سيواجهه بعد مفارقته الحياة. وقد روى الامام البخاري وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها ابدا ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجاء في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا».
وفضلا عن هذا فإن من يساورهم خيار الانتحار غالبا ما يكونون من المفرطين في حياتهم وعانوا من الشقاء، مما جعل الانتحار يرد على خواطرهم لكنهم يعلمون ان المفرط في حقوق الله وهو «المجرم» اذا مات على اجرامه خاصة اذا ختم حياته بهذه الجريمة الكبرى يكون مستحقا لاهوال من العذاب في القبر يوم القيامة تفوق مستوى التصور البشري فضلا عن مستوى المعاناة الدنيوية وقال الشيخ خالد الشايع ان الانتحار خلاف الفطرة وهي لدى جميع المخلوقات هي مدافعتها للموت وتمسكها بالحياة والتشبث بها فما بال هؤلاء القوم مع ذلك يصرون على نحر انفسهم واذا ما أردنا ان نتبين الاسباب التي تدفع بالشخص الى الانتحار فيمكن ان نجمل ذلك في ما يلي:
أولاً: حالة الانهيار النفسي العظيم الذي جعل المنتحر ينظر الى الحياة من خلال منظار القنوط وإطار اليأس.. فباتت الحياة عنده جحيما يود التخلص منه ولم يجد من ينتشله من هذه الهوة الخطيرة فتردى فيها لنحر نفسه.
ثانياً: انعدام أو ضعف الايمان بالقضاء والقدر والذي هو مظهر من مظاهر اختلال العقيدة واهتزاز التوحيد لله تعالى فالمؤمن يواجه مصاعب الحياة واقدارها بالصبر والرضا عن الله في ما يقضيه الله عليه ويقدره له. ويسعى مع ذلك عبر قنطرة الأمل لما يعود عليه بالسعادة في الدنيا والآخرة.
ثالثاً: الدعاية غير المقصودة لهذا المسلك عبر عدد من الاعمال التمثيلية التي تصور متى وكيف انهى حياته بالانتحار وتتلقى بعض الفئات هذه الرسالة وتختزنها في فكرها فإذا ما اعترضها شيء من قدرات الحياة تلجأ للانتحار كحل لما يعانونه .
وأشار الشيخ المنيع إلى ان الانتحار موجود، ولكن الذي جعله يبدو متزايدا اهتمام وسائل الاعلام بذلك، حيث ان نشرها لحوادث الانتحار أظهر هذه الحالات وقد يكون للنشر ايضا سبب في اقدام البعض الآخر على الانتحار كونه يريد ان يتخلص من حياته فتكون الطريقة التي يسمع عنها سببا في اتباعه لها. ويشير الدكتور الزنيدي الى عدد من الاسباب لظهور حالات الانتحار كحالات القهر والاحباط المتتابع أو الارتكاس في جريمة لا تبقي لحياة الانسان الاجتماعية معنى ونحوها. واما الاسباب الخلقية العميقة فمجموعها اختلال الايمان بالله عز وجل وتشوهه لدى الشخص مما يؤدي الى انسحاب هذا الايمان في بعض اللحظات انسحابا يجعل الشيطان يهيمن عليه فيوقعه في الجريمة المناسبة كالمخدرات أو زنا أو قتل للنفس وكذلك قسوة الضغط الاجتماعي على الانسان من نظرات وكلام وربما مواقف صعبة، فيلجأ لذلك في لحظة انحسار ايماني وهذا ما يتطلب المسلم تجاوزه بالايمان بالله والرضا بالقدر خيره وشره والبعد عن مواقع الشبهات التي تجره لذلك ويضع الشيخ عددا من وسائل العلاج منها ان يبين عبر وسائل الاعلام ومناهج التعليم حرمة النفس البشرية وتوضيح شناعة الاعتداء عليها بأي نوع من الاعتداء سواء كانت نفسه أو غيره كما جاءت بذلك النصوص من الكتاب والسنة وتبيان ما جاء من الوعيد والتهديد في حق المنتحر.. كما ان على وسائل الاعلام تجنب الدعاية غير المباشرة للانتحار بحيث يتحفظ على نشر اخبار المنتحرين حتى لا تروج فكرته بين الناشئة.. مع منع كل ما فيه دعاية للانتحار أو ترويجه من خلال الاعمال التمثيلية والبرامج الاعلامية وكذلك تنبيه الناس لدى تعرضهم لمشكلات بمشاورة اهل العلم وعرض ما يشكل عليهم وهكذا استشارة المتخصصين في علم النفس والاجتماع .
إنتحــــــار
العرض العادي
