بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الكرام أعضاء ومتصفحي منتديات القبابنة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فان قبائل بني عامر لها تاريخ حافل قبل الاسلام وبعده ومن أيامها وتاريخها في الجاهلية يوم فيف الريح وهو بين عامر بن صعصعة ومذحج والحارث بن كعب ومن لف لفيفهم من خثعم وشهران وناهس وزبيد وجعفي وغيرهم وكان خبره أن بني عامر كانت تُطلب بني الحارث بن كعب المذحجية بأوتارٍ كثيرة فجمع لهم الحصين ابن يزيد بن شداد بن قنان الحارثي ، وهو ذو الغصة ، واستعان بقبائل جعفي وزبيد وقبائل سعد العشيرة ومراد وصداء و نهد وخثعم وشهران وناهس وأكلب ثم أقبلوا يريدون بني عامر وهم منتجعون مكاناً يقال له فيف الريح ، ومع مذحج النساء والذراري حتى لا يفروا . فاجتمعت بنو عامر ، فقال لهم عامر بن الطفيل : أغيروا بنا على القوم فإني أرجو أن نأخذ غنائمهم ونسبي نساءهم ولا تدعوهم يدخلون عليكم . فأجابوه إلى ذلك وساروا إليهم . فلما دنوا من بني الحارث ومذحج ومن معهم أخبرتهم عيونهم وعادت إليهم مشايخهم ، فحذروا فالتقوا فاقتتلوا قتالاً شديداً ثلاثة أيام يغادونهم القتال بفيف الريح ، فالتقى الصميل بن الأعور الكلابي وعمرو بن صبيح النهدي ، فطعنه عمرو ، فاعتنق الصميل فرسه وعاد ، فلقيه رجل من خثعم فقتله وأخذ درعه وفرسه . وشهدت بنو نمير يومئذ مع عامر بن الطفيل فأبلوا بلاء حسناً وسموا في ذلك اليوم بحريجة الطعان لأنهم اجتمعوا برماحهم فصاروا بمنزلة الحرجة ، وهي شجر مجتمع . وسبب اجتماعهم أن بني عامر جالوا جولة إلى موضع يقال له العرقوب ، والتفت عامر بن الطفيل فسأل عن بني نمير فوجدهم قد تخلفوا في المعركة ، فرجع وهو يصيح : ياصباحاه ! يانميراه ! ولانمير لي بعد اليوم ! حتى اقتحم فرسه وسط القوم ، فقويت نفوسهم ، و عادت بنو عامر وقد طعن عامر بن الطفيل مابين ثغرة نحره إلى سرته عشرين طعنةً . وكان عامر في ذلك اليوم يتعهد الناس فيقول : يا فلان مارأيتك فعلت شيئاً ، فمن أبلى فليرني سيفه أو رمحه ، ومن لم يبل شيئاً تقدم فأبلى ، فكان كل من أبلى بلاءا حسناً أتاه فأراه الدم على سنان رمحه أو سيفه ، فأتاه رجل من الحارثيين اسمه مسهر كان عنده جاليا عن قومه . فقال له : يا أبا علي (1) أنظر ماصنعت بالقوم ! انظر إلى رمحي ! فلما أقبل عليه عامر لينظر وجأه بالرمح في وجنته ففلقها وفقأ عينه وترك رمحه وعاد إلى قومه . وإنما دعاه إلى ذلك ما رآه يفعل بقومه ، فقال : هذا والله مبير قومي ! فقال : عامربن الطفيل
جاؤوا بشهران العريضة كلها
= وأكلبها ميلاد بكر بن وائل
وسعت شيوخ الحي بين سويقة
= وبين جنوب القهر ميل الشمائل
فلو كان جمع مثلنا لم يبزتا
= ولكن أتانا كل جن و خابل
فبتنا ومن ينزل به مثل ضيفنا
= يبت عن قرى أضيافه غير غافل
وأسرت بنو عامر يومئذ سيد مراد جريحاً ، فلما برأ من جراحته أطلق وممن أبلى يومئذ أربد بن قيس بن حرب بن خالد بن جعفر ، وعبيد بن شريح بن الأحوص بن جعفر وأسرع القتل في الفريقين جميعاً ، ثم إنهم افترقوا ولم يشتغل بعضهم عن بعض بغنيمة وكان الصبر فيها و الشرف لبني عامر . وقال عامر بن الطفيل :
لقـد عَـلِـمَـتْ عُـلْــيَا هَـــوَازِنَ أَنَّـنِـي
=أَنـا الـفـارِسُ الـحـامِـي حَـقِـيقَةَ جَـعْــفَــرِ
وقد عَـلِــمَ الــمَــزْنُـــوقُ أَنِّـــي أَكُـــرُّهُ
= علَـى جَـمْـعِـهِـمْ كَـرَّ الـمَـنِـيحِ الـمُـشَـهَّـرِ
إِذَا ازْوَرَّ من وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُ
= وقُلتُ : لَهُ ارْجعْ مُقْبِلاً غيرَ مُدْبِرِ
وأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الفِرَارَ خَزَايَةٌ علَـى الـمَـرْءِ
= مـا لـم يُبْـــلِ جَـــهْـــداً و يُعـــذِرِ
أَلَـسْـتَ تَـرَى أَرمـاحَــهُـــمْ فِـــيَّ شُـــرَّعـــاً
= وأَنْـتَ حِـصَـانٌ مـاجِـدُ الـعِــرْقِ فـــاصْــبِـرِ
أَرَدْتُ لِـكـيْ لايَعْـــلـــمَ الـــلـــهُ أَنَّـــنِـــي
= صَبَـرْتُ وأَخْـشَـى مِـثْـلَ يومِ الــمُــشَـقَّــرِ
لَعَـمْـرِي ، ومـاعَـمْــرِي عـــلـــيَّ بِـــهَـــيِّنٍ ،
= لقَـدْ شَـانَ حُـرَّ الـوَجْـهِ طـعْــنَةً مُــسْـهِــرِ
فَبِـئْسَ الـفَـتَـى إِن كُــنْـــتُ أَعْـــوَرَ عـــاقِـــراً
= جَبـانـاً ، فَـمـا عُـذْرِي لـدى كُـلِّ مَـحْـضَـرِ
وقـد عَـلِـمُـــوا أَنِّـــي أَكُـــرُّ عـــلـــيهـــمُ
= عَشِـــيَّةَ فَـــيْف الـــرِّيح كَـــرَّ الـــمُــــدَوِّرِ
ومـارِمْـتُ حـتــي بَـــلَّ نَـــحْـــري وصَـــدْرَهُ
= نَجـيعٌ كَـهُـدَّابِ الـدِّمَـقْــسِ الــمُــســيَّرِ
أَقُـولُ لِـنَـفْـسِ لايُجــادُ بِـــمِـــثْـــلِـــهـــا
= أَقِـلِّـي الـمِـراحَ إِنَّـنِـي غـــيرُ مُـــقْـــصِـــرِ
فلـو كـانَ جَـمْـعٌ مـثـلُـنـا لـم نُــبــالِـهِــمْ
= ولـكِـنْ أَتَـتْــنــا أُسْـــرَةٌ ذاتُ مَـــفْـــخَـــرِ
فَجَـاؤُوا بِـشهرانِ الــعَـرِيضَةِ كُـلِّـهـا
= وأَكْـلُـبَ طُـرًّا فـي لــبـاسِ الــسَّـنَـوَّرِ
وهنا يصور عامر بن الطفيل اقتحامه للحروب وكيف أنه لايتخلى عن بسالته الحربية حتى يحمي عشيرته وهو لا يزال يدفع بفرسه إلى الحرب دفعاً , أما الفرار وعاره فدونه الموت ! وهو يدعو حصانه لتأسي به والصبر معه حتى ينالا شرف النصر معاً وامتنّت بنو نُمير على بني كلاب بصَبرهم يوم فَيف الريح ، فقال عامر بن الطفيل :
تَمُنُّون بالنُّعمى ولولا مَكَرُنـا
بمُنعرجِ الفَيفا لكنتُم موالـيَا
ونحن تداركْنا فوارسَ وَحْوحٍ
عشيّة لاقينَ الحُصين اليَمانيا
وحوح ، من بني نُمير ، وكان عامر أستنقذهم ! وقال عامر بن الطفيل أيضاً :
ويا لفيفاً من اليمن استثارت
قبائل كان ألبهم فخـاروا
قال أبو عُبيدة : كانت وقعة فيف الريح وقد بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة وأَدرك مُسهِرُ بن يزيد الإسلام فأسلم . وكان عامر بن الطفيل يكنى في السلم بأبي علي وفي الحرب بأبي عقيل وفيف الريح يوم من أيام العرب بعد البعثة المحمدية التي أخرجنا الله بها من الظلمات الى النور بين قبائل بني عامر بن صعصة الهوازنية و اخوانهم قبائل اليمن و ليس فيه منصور و منهزم والصبر والشرف فيه لقبائل عامر بن صعصعة ومن أيام بني عامر وتاريخها أن / يزيد بن الصعق الكلابي أخذ إبل الملك / النعمان بن المنذر والمسماة ( بالعصافير ) في قصة معروفة ويدل عليها هذه النصوص النادرة والنفيسة التي أوردها البغدادي في كتابه يقول : البغدادي قال : أبو عبيدة كانت بلاد بني غطفان مخصبة ، فرعت بنو عامر بن صعصعة ناحية منها ، فأغار الربيع بن زياد العبسي على يزيد بن الصعق الكلابي وكان في كرش الناس - أي : في جماعتهم - فلم يستطعه الربيع ، فاستفاء سروح بني جعفر والوحيد ابني كلاب واستفاء من الفيء وهي الغنيمة ، أي : ردها معه ، والمعنى فاستاق سروحهم ، والسرح : الإبل التي ترعى ، فقال في ذلك / الربيع بن زياد :
فإذ أخطأت قومك يا يزيدا
فأنعى جعفرا لك والوحيدا
فحرم على نفسه / يزيد بن الصعق الطيب والنساء حتى يغير عليه فجمع قبائل شتى ثم أغار عليه فاستاق نعما لهم وأصاب عصافير النعمان بن المنذر وهي إبل معروفة يقال لها العصافير فقال يزيد بن الصعق في ذلك :
ألا أبلغ لديك أبـا حُريـث
وعاقبـة الملامـة للمليـم
فكيف ترى معاقبتي وسعيي
بأذواد القصيبـة والقصيـم
ومابرحت قلوصي كل يوم
تكر على المخالف والمقيـم
فنمت الليل إذ أوقعت فيكـم
قبائل عامـر وبنـي تميـم
فساغ لي الشراب وكنت قبلا
أكاد أغص بالمـاء الحميـم
وهذه القصيدة تروى / للنابغة الذبياني وهذا خطأ لأن الوقعة كانت لبني عامر على غطفان والنابغة من بني ذبيان من غطفان وأبا حُريث : كُنية الربيع بن زياد العبسي وقال : لبيد بن ربيعة أيضا يرد على الربيع بن زياد حين ذكر جعفرا والوحيد :
لست بغافر لبني بَغيـض
سفاهتهم ولاخطل اللسـان
سآخذ من سراتهم بعرضي
وليسوا بالوفاء ولاالمداني
فإن بقية الأحسـاب منـا
وأصحاب الحمالة والطعان
جراثيم منعن بياض نجـد
وأنت تعد في الزمع الدواني
فأجابه النابغة الذبياني فقال :
ألا من مبلغ عنـي لبيـدا
أبا الدرداء جحفلة الأتـان
فقد أزجى مطيتـه إلينـا
بمنطق جاهل خطل اللسان
وقول لبيد : خطل اللسان يريد طول اللسان ويزيد بن الصعق من ذريته حفيده زفر بن الحارث فهو / زفر بن الحارث بن عبد عمرو بن معاز بن يزيد بن عمرو بن خويلد ( الصعق ) بن نفيل بن عمرو بن كلاب قال أبو القاسم الآمدي : زفر بن الحارث بن معاز الكلابي ، سيد قيس في زمانه يكنى أبا الهذيل يقول الأخطل الشاعر :
لعمر أبيك يا زفر بن عمرو
لقد نجاك جد بنـي معـاز
وركضك غير ملتفتٍ إلينـا
كأنك ممسك ُُ ُبجناح بـاز
وهذه القصة بشواهدها من الأبيات الشعرية الجاهلية مما سجله التاريخ لقبائل بني عامر وقد ذكرت كتب البلدانيين أن الحبس المعروف حاليا بسمار بقيعا هو الحد الفاصل في نجد بين مراعي بني عامر وبني عبس الغطفانية ويوازيه حاليا الحد الفاصل بين مراعي قبيلة عتيبة وقبيلة حرب منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .