{ عصفت بنا الريح ,,
--------------------------------------------------------------------------------
عصفت بنا الريح ,,
حكاية لطيفة وفي المورد العذب للإمام الحافظ ابن الجوزي رحمه الله : قال عبد الواحد بن زيد :
عصفت بنا الريح على جزيرة في البحر ، فإذا برجل يعبد صنما !!
فقلنا له أيها الرجل من تعبد ؟ فأومأ بيده إلى الصنم ، فقلنا له إن معنا في المركب من يعمل هذا ، قال فأنتم من تعبدون ؟
قلنا نعبد الله تعالى ، قال ومن هو ؟ قلنا الذي في السماء عرشه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي الأحياء والأموات قضاؤه .
قال كيف علمتم هذا ؟ قلنا وجه إلينا رسولا أعلمنا به ، قال فما فعل الرسول ؟ قلنا قبضه الله إليه ، قال فهل ترك عندكم علامة ؟
قلنا : ترك عندنا كتاب الملك ، قال أرونيه ، فأتيناه بالمصحف فقال ما أعرف هذا ، فقرأنا عليه سورة وهو يبكي ،
ثم قال ( ينبغي لصاحب هذا الكلام أن لا يعصى )) ، فأسلم وحملناه معنا وعلمناه شرائع الإسلام وسورا من القرآن ،
فلما جن الليل صلينا وأخذنا مضاجعنا ، فقال يا قوم الإله الذي دللتموني عليه أينام إذا جنه الليل ؟
قلنا لا يا عبد الله هو حي قيوم لا ينام ، قال (( بئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام ))، فعجبنا من كلامه ،
فلما قدمنا عبادان جمعنا له دراهم وأعطيناها له وقلنا له أنفقها ، قال: (( لا إله إلا الله دللتموني على طريق لم تسلكوه ، أنا كنت في جزيرة في البحر أعبد صنما من دونه فلم يضيعني فكيف الآن وقد عرفته ))
، فلما كان بعد أيام أتاني آت فقال لي : إنه يعالج سكرات الموت ، فجئته وقلت ألك حاجة ؟
فقال : (( قد قضى حوائجي من عرفتني به ))
فبينما أنا أكلمه إذ غلبتني عيناي فنمت فرأيت في المنام روضة
وفي الروضة قبة وفيها سرير عليه جارية أجمل من الشمس تقول : سألتك بالله عجل علي به ،
فانتبهت فإذا به قد مات رحمه الله تعالى ، فجهزته لقبره ثم رأيته في المنام في القبة والجارية إلى جانبه وهو يتلو
{ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا َصَبْرْتُم َفنِعْمَ عُقبَْى الّدَّار } . والله أعلم .
حتى عصفت بنا الظنون !!
" وأكثر النّاس يظنون بالله غير الحـق ـ ظنُّ السـوء ـ! فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم ،
ولاسلم من ذلك إلا من عرَف الله ، وعرف أسماءه وصفاته ، وعرف موجب حمده وحكمته ،
فمن قنط من رحمته وآيس من روحه ، ومن جوّز عليه أن يعذب أولياءه مع إحسانهم وإخلاصهم ، ويسوي بينهم وبين أعدائه فقد ظـن به ظـن السـوء !
ومن ظن بأنه لاينصر دينه ،ومن جاهد في سبيله فقد ظن به ظن السوء" .
ابن القيم في الزاد (3/196) بتصرف
نسمة إيمآنية .. }
كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف ذلك في وجهه ، فقالت عائشة :
يارسول الله ، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر !
وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية ؟!
فقـــال ياعــــائشة : " ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ! فقد عذّب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب
فقالوا : { هَذَا عَارِضٌ مُمطِرُنـا } !
وكان يقول إذا هاجت الريح :
" اللهم إني أسألك من خير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شَّر ما أرسلت به "
( الصحيحة 2757 )
ما أجمل الإحساس اليقظ من سيد السابقين إلى الخيرات!
يرى السحاب فلا يزال خائفاً حتى تمطر !!
فكيف بحال أهل الغفلة ؟؟
يرون السحاب مليئاً بالغبار ولا يزالون على معاصيهم مستمرين !!
ولسـان حـالهم : { وَإِنْ يَروا كِسَفاً مِنَ السَمآءِ سَاقِطاً يَقُولوْا سَحَابٌ مَرْكُوُمْ }ـ
نسأل الله الكريم أن يعاملنا بما هو أهله ، ولا يعاملنا بما نحن أهله .
[
(م)
__________________