كتبها سعد الخبيش رئيس تحرير ومجلة الإبل العربية
الصدارة من بلاد الأفلاج قديما وهي تعرف الآن ببلدة (الستارة)، تبعد عن الغيل بحوالي عشرين كيلا، وعن (ليلى) مركز الأفلاج بحوالي (55) كلم وجل سكّانها آل ذيب من القبابنة يقول عنها ابن خميس في معجم اليمامة (هي قرية من قرى الأفلاج تشترك مع قرية الغيل في واد واحد.. الغيل في أسفله.. والستارة.. في أعلاه وكلاهما داخل الجبال وهي قديما تسمّى الصدارة الوادي). قال عنها الهمداني.. في كتاب صفة جزيرة العرب.. (ومن أخذ (الثفن) من الفلج إلى اليمامة أخذ أسافل أودية (جعدة) والأودية أولهما (أكمة) تصب على الفلج فيأخذ الغادي على أسفل الغيل من الثفن، وهو وادي رغاب كثير النخل كثير الحصون وفرعة الصدارة). انتهى. وأكمة أول أودية بلاد بنو جعدة وفرعته الصدارة..
يقول أحد شعراء بنو جعدة وهو عبادة بن البراء الجعدي يذكر أكمة في قصيدة له:
ألا ليت شعري هـل أبيتـن ليلـة
جميع الهوى قد راجع النفس طيبها
ألا أيها الغـادي (بأكمـة) أهلـه
سقى الله مسقى الغيث ارضاً تؤوبها
وبنو جعدة هم كما جاء في جمهرة انساب العرب لابن حزم الأندلسي حيث قال ((وهؤلاء بنو جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ومنهم عبد الله بن الحشرج بن الأشهب بن ورد بن عمر بن ربيعة بن جعدة بن كعب الذي غلب أرض فارس أيام الزبير، وقد ولي كورا من خراسان وكرمان أبيه زياد بن الأشهب وفد على علي - رضي الله عنه - ليصلح بينه وبين معاوية..
والشاعر النابغة الجعدي واسمه قيس وأخوه وحوح أبناء عبد الله بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب، له صحبة، وقيل إن مجنون بني عامر هو قيس بن الملوّح بن مزاحم بن قيس بن عدس المذكور ومالك بن عبد الله بن جعدة الذي أجار قيس بن زهير العبسي.
ويصب في وادي وبلدة الستارة روافد كثيرة وكبيرة وتنقسم إلى فرعين: هما (الوعل) و(نعيّم).. وبعدهما (مبقر) مستقر ماء و(الأيسريّة) و(الاسم) و(وعيل) و(الحنو) وهنالك انف جبل شهير بين الستارة وبلدة حراضة اسمه (خشم القحوم).
يقول الشيخ الجذالين - رحمه الله - في كتابه عن بلدة الستارة ((تقع هذه القرية غرب الغيل، وتبعد عن مدينة ليلى بنحو (60) كيلا ويسكنها القبابنة، وتسمى قديما الصدارة)). وقد سكنها القبابنة في القرن العاشر الهجري بعد زوال من سكنها من قبائل بنو جعدة.
وسكّانها الآن من القبابنة وهم ماكانوا يعرفون قبل هذا الاسم (آل رقّان) نسبةٍ إلى قصيدة الشاعر حمود بن رهيش بن نغيمش الحوازمة القباني التي قالها عندما انتصر القبابنة على حملة الأتراك العثمانيون في منتصف القرن الثالث عشر تقريبا في بلاد الغيل في مكان يسمّى (الرويشن) حيث قال:
ثم نصّها آل رقان حيث إن فعلهـم
ملاحيم لامن شاع جمـر الفتايـل
تراهم هل الشنق الموالي على الخلا
قبابنه تسقـي الحفيـف الملايـل
والشنق الموالي على الخلا يقصد به الشاعر موضع بلدة الستارة حالياً.. ومن مشاهير تلك البلدة من خلدّوا للتاريخ أسمى سير الكرم والشهامة..
الكريم الجواد سلطان بن ذيب القباني الذي لقّب (بمصوت بالعشا) الذي ذكره الشاعر بقوله:
يادار لو ياتيك سلطان بن ذيـب
عقب السخى تطري عليك الهياسة
ومنهم ابنه عبد الله بن سلطان بن ذيب الذي سار على نهج والدة في بلدة الستارة بذلاً وجوداً وإنفاقا على الناس في ليالي الجوع وقل المعيشة وقصره لاتزال أطلاله باقية في بلدة الستارة توفي - رحمه الله - في عام 1360هـ وقد رثاه الشاعر ظافر بن حثلان الدوسري في قصيدة مشهورة جداً:
البارحة ساهر وكني علـى ملّـه
والقلب تقفي هواجيسه وتقفي بـه
القصر يبغى صبيٍ مثل عبـد الله
لانوّخ الضيف تالي الليل يدري به
يبكي عليه الصحن والنجر والدله
والضيف لاجاه جافينه معازيبـه
وتبكيه هجنٍ من المطراش منتلـه
لاجات من صوب فجٍ عاويٍ ذيبه
وتبكيه بيضٍ على لامـاه مختلّـه
لادوّرت له بديـلٍ ويـن بتجيبـه
يارب انك تحلل بطن مـن شلّـه
اللي يكّثر على الضيفان ترجيبـه