الرز أغلى من البترول

09-24-2007, 02:23 PM

اصبح الرز كالنفط يتداول ويستهلك كسلعة حيوية، وكما ان معظم الدول المستهلكة للنفط تدعو إلى تقنين الاستهلاك في الطاقة التي تعمل على منتجات نفطية كالسيارات وتدفئة المنازل والمجمعات التجارية، فإن اصواتاً تعلو اليوم لمستهلكي الرز تدعو الى الترشيد او التحول الى بدائل اخرى للرز تماماً كما هي بدائل النفط مثل الطاقة النووية والشمسية.
بينما تسير الأمور والكلام لأحمد الشعلان في اتجاه هو في غير مصلحة المستهلكين، فمن الواضح اننا بحاجة الى استنساخ تجربة الدول الكبرى المستهلكة للنفط، التي نجحت لعقود طويلة في خفض الأسعار على حساب المنتجين، فقد اعتبرت «أوبك» مثلاً وهي منظمة تجمع المنتجين تحت مظلة واحدة، ليضعوا سياساتهم تجاه الانتاج والاسعار مصدر تهديد للمصالح الغربية عموماً والاميركية خصوصاً، واذا كان امن الطاقة اولوية لأميركا، فإن امن الرز اولوية لنا ايضاً.
«اوبك الرز» هي هيئة تنمية صادرات الرز الهندي التي ترعى مصالح الشركات الهندية وتبارك احتكار شركات بعينها وتحكمها بالأسعار وهي المسؤولة عن الأزمة الأخيرة التي قفزت بالأسعار الى مستويات قياسية والمسؤولة ايضاً عن تزايد الارتفاع بهذا الشكل خلال المرحلة المقبلة، ولا بد لنا من مواجهة هذا التكتل القوي وان يكون للمستهلكين تجمع مواز له في القوة.
السياسة الجديدة لهيئة الرز الهندية حول ما يتعلق بالإنتاج وفرض أسعار أعلى على المستهلكين، تتحكم اليوم في آليات السوق، ومن الواضح ان سياسة استعراض العضلات هذه آتت اكلها، وهو السيناريو المتكرر بين «أوبك» ومستهلكيها، وبينما نسمع تطمينات الهنود في كل مرة يرتفع فيها سعر الطن، هناك رسالة تهدئة من «اوبك» مع ارتفاع اسعار النفط تشير الى اهتمام المنظمة بالمستهلكين الذين يشعرون بانهم تحت رحمة تلك التكتلات.
تصبح اسعار الرز والنفط متوازنة اذا شعر المنتجون والمستهلكون أنهم بحاجة لبعضهم البعض، لكن آليات اخرى تحكم العلاقة اهمها تنفيذ سياسات اصلاحية في ما يتعلق بالاستهلاك وتنويع المصادر، وفي بلدان اخرى غير المملكة تجوب العالم وفود حكومية تستشرف معالم المستقبل بالنسبة لسلعها الرئيسية والحيوية خصوصاً كالرز الذي يصل استهلاكه الى مليون طن، وتجاه موردين كالهنود الذين تمثل حصتهم 70 في المئة من استهلاكنا المحلي.
الجهات المعنية في تلك الدول المستهلكة هي في الغالب جهاز التجارة الحكومي الذي يحلل سياسات الدول المنتجة ويتابع حساب كميات فوائض، ويتحقق من تدابير التحكم في الإنتاج وسياسات الدعم الحكومية في بلد الانتاج ويراقب زيادة الاستهلاك، ويبحث عن بدائل انتاجية في دول اخرى كماليزيا واندونيسيا والصين وتايلاند.
هل لاحظت شيئاً مما سبق من ترتيبات وسياسات وخطط عمل تجاه سلع حيوية يمكن ان يكون قد حدث هنا؟ بكل أسف فإن ما تم عمله في بلادنا هو ان وزارة التجارة اوصت التجار خيراً بنا، وأوصتنا بالتحول عن الرز الى غيره كي تريحنا وترتاح وتمنت لنا حياة سعيدة.