بسم الله الرحمن الرحيم" رحلة إلى المدينة المنسية رنية (1) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,, في إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني قررت مع بعض الأقارب القيام بجولة في محافظة رنية والتي قصرت المسافة بينها وبين محافظة الأفلاج بعد اكتمال سفلتة الطريق الصحراوي المردوم بينها وبين محافظة وادي الدواسر والبالغ طوله 200 كلم وهذا ما شجعنا بالقيام بتلك الرحلة .. انطلقنا من الأفلاج باتجاه الجنوب وبعد أن اجتزنا مدينة الخماسين بـ 20 كلم وجدنا لوحة صغيرة وضعتها أحد مدارس الخماسين مشكورة تشير إلى طريق رنية , وقد كنا نرسم لمحافظة رنية صورة رائعة في مخيلتنا من حيث الخدمات البلدية المتميزة والشوارع الفسيحة المسفلتة والمُنارة والمرصوفة والمشجرة إلا أنه عند وصولنا اصطدمنا بالواقع المرير الذي يتعايش معه أهالي المدينة , فالخدمات البلدية تكاد تكون معدومة من جميع الجوانب فمدخل المدينة لا يليق بها فالزائر لها لم ولن يشاهد ذلك المدخل الرائع من طرقٍ واسعة مزدوجة متعددة المسارات تحتوي على المناظر الجمالية والإنارة المبهرة والتشجير الرائع والأرصفة الجميلة كما هو في أغلب مدن مملكتنا الغالية , وحقيقة أصبح كل منّا يسأل الآخر ( هل يوجد بلدية في تلك المدينة) !!.. أما نظافة المطاعم فحدث ولا حرج فقد وجدنا مطاعم خيل إلينا أننا في أحد الدول الإفريقية الفقيرة فالبعوض والذباب هو المتسيد في تلك المطاعم يسرح ويمرح كيفما شاء ونظافة العمالة دون الصفر , وعندما نسأل بعض المواطنين عن دور البلدية تأتي الإجابة المريرة أنه مفقود منذ زمن بعيد وأننا نجزم بأن رئيس البلدية محسن بن غازي العتيبي لم يقوم بزيارة لأحدى مدن المملكة ليشاهد بأم عينه التطور والازدهار في تلك المدن والخدمات العامة التي تقدمها بلدياتها , ألا يعلم ذلك الرئيس أن جهاز البلدية يعتبر أهم الأجهزة الحكومية في المدينة فالمواطن والزائر يستطيع أن يحكم على نجاحه من عدمه من خلال مشاهداته ورؤيته للخدمات الملموسة التي تقدم للأهالي والزوار , وبكل صدق وأمانة نقول أن جهود وانجازات جهاز البلدية في تلك المدينة مفقودة وليس لها أي تواجد يذكر على الرغم من الميزانيات والمخصصات المالية الضخمة التي وفرتها الدولة أعزها الله والتي تتجاوز عشرات الملايين , ولم يتوقف التقصير عند هذا الحد بل تجاوزه إلى إهمال صيانة الشوارع بعد الأمطار والسيول التي اجتاحت المحافظة ولم تقم بإزالة الأتربة والرمال التي طمرت الشوارع وأخفت معالمها وكما هو معروف أنه يوجد في جميع بلديات مملكتنا الحبيبة بندر (درء مخاطر السيول) هل تم الاستفادة منه في المدينة ؟ من أراد أن يعرف ذلك عليه أن يتجه إلى حي (العمائر برنيه) وسيشاهد طرق قد اختفت معالمها , إذاً أين دور البلدية !!! والأدهى والأمر أنه لا يوجد تصريف للسيول حيث حدثنا أحد كبار السن بأنه لو أن الأودية الشمالية الغربية من المحافظة سالت لحدثت كارثة وطوفان لكافة المحافظة ولتكررت كارثة جدة ولكن الله ستر ولطف !!! لقد اتضح لنا رغم تواجدنا لفترةٍ قصيرة في رنية مما لا يدع مجال للشك بأن دور البلدية فيها يقتصر على تجديد التصاريح لتلك المطاعم والبوفيهات الخربة وتحصيل المبالغ من المحلات التجارية فقط , أما الخدمات والأدوار الأساسية والتي من الواجب أن تقوم بها فهي معدومة ونشك بأن رئيس البلدية ملم بها , والإنجاز الوحيد لها هو إنشاء ساحات لألعاب الأطفال على الطريق الرئيسي !!! وأننا نخاطب من هذا المنبر الإلكتروني وزير الشؤون البلدية والقروية سمو الأمير الدكتور منصور بن متعب وفقه الله بأن يقف على وضع البلدية المزري والذي لا يتماشى مع تطلعات سموه الكريم والذي يطمح بأن تكون جميع مدن مملكتنا الغالية كوكبة ولؤلؤة في سماءها في جميع النواحي من تخطيطٍ وتجميل وغير ذلك , وأن لا يتم السكوت أو التهاون مع كل مقصر , فلا عذر لأحد فالدولة أعزها الله قد وفرت جميع عوامل النجاح لبلدية رنية برصد عشرات الملايين لها من أجل تطوير وازدهار المحافظة لكن الواقع الملموس يشير إلى غير ذلك !!! ونأمل من سموه الكريم بأن لا يمر وضع بلدية رنية مرور الكرام فالبلدية بحاجة لذلك الرئيس الذي لديه طموح وتميز في العمل لتحقيق تطلعات ولاة الأمر على أرض الواقع . . . . . يتبع رحلة إلى المدينة المنسية رنية (2) . . . .. أما المفاجأة الثانية والتي لا تقل عن الأولى فقد كانت "نبض الحياة" وهي الماء وكيفية الحصول عليه فعند سؤالنا لأكثر من مواطن ووافد عن كيفية الحصول على المياه كانوا يجيبون : عن طريق (الوايتات) وأنه لا توجد في المحافظة وما حولها شبكة مياه عامة لذا يتكبد الأهالي العناء والمشقة في توفير المياه لمنازلهم والتي هي أساس الحياة , أين دور مصلحة المياه ؟ وأين دور فرعها في رنية إذا كان يوجد لها فرع؟ حقيقة..لا يمكن التصور أن أكثر من 70,000 نسمة لا يتوفر لهم شبكة مياه , كيف ستكون حياتهم ومعاناتهم اليومية للحصول على الماء , والتي تشترى بأسعار خيالية مما يزيد من أعباء المعيشة عليهم , وعلى ذمة أحد الأهالي أبلغنا بأن سعر الوايت يصل في فصل الصيف إلى أكثر من 700 ريال كان الله في عونهم . سألنا أيضاً عن السر وراء كثرة الآبار الاراتوازية في وادي رنية وكانت الإجابة بأنه قام بحفرها بعض الأهالي لتوفير المياه لمنازلهم وعلى حسابهم الخاص , وقد قيل لنا أنه سيتم مد شبكة المياه المحلاة من الطائف إلى المحافظة ولكن للأسف بعد عشرات السنين!! إنّه شيء محزن أن تكون محافظة عريقة بهذا الحجم ولا يوجد بها شبكة محلاة . . . . . يتبع رحلة إلى المدينة المنسية رنية (3) . ..أما المفاجأة الثالثة والتي أعتقد أنها مزمنة ويشترك فيها الجميع فهو طريق الموت الرابط بين رنية والخرمة فهو طريق قديم ومتهالك وضيق ومرتفع عن سطح الأرض , ولا يليق بأن يكون أحد طرق مملكتنا الغالية فسالكه مفقود والواصل لأهله مولود , وقد وقعت عليه الكثير من الحوادث المأساوية والتي راح ضحيتها المئات من سالكيه فكم من أسرةٍ تيتمت وامرأةٍ ترملت بسبب طريق الموت الذي لا يكاد يمر يوم دون وقوع حوادث قاتلة عليه , ولن ننسى المذبحة التي وقعت على هذا الطريق قبل عدة سنوات لطالبات الكلية أثناء ذهابهن للدراسة في الكلية المتوسطة في الخرمة والتي ذهب ضحيتها تسع طالبات وإصابة العشرات منهن .. فمن المسئول عن الأنفس والأرواح البريئة التي أُزهقت على هذا الطريق !؟ وتشير إحصاءات المرور للحوادث على هذا الطريق بأنها تقدر بالمئات من الوفيات والمصابين بجانب الخسائر المادية الكبيرة للممتلكات.. فإلى متى سيستمر مسلسل الرعب والموت على هذا الطريق !! علماً أننا نشاهد غالبية الطرق التي تربط بين مدن المملكة أصبحت مزدوجة ذات ثلاث مسارات , ولقد تحسرنا كثيراً بأننا لم نشاهد دلائل تشير على البدء في إصلاح هذا الطريق وجعله مزدوجاً كبقية الطرق في هذا البلد الغالي على أنفسنا والذي نضعه في سويداء أعيننا . . . . . يتبع رحلة إلى المدينة المنسية رنية (4) أما المفاجأة الرابعة التي صادفتنا في هذه المحافظة الغالية على قلوبنا وما أكثرها من مفاجأت فهيّ وضع المستشفى بها حيث ينقصه الكثير من الأجهزة الطبية والكادر الطبي المتميز , وأكاد لا أصدق بأن من يتعرض من السكان أو الزائرين لحادثٍ أو مرض ويحتاج لعمل إشاعة يتم إرساله إلى محافظة بيشة على بعد 130 كلم لتؤخذ له إشاعة وقس على ذلك بقية الخدمات الصحية المتردية فبعض المرضى المحولين لمستشفى بيشة يصل إليها والبعض الآخر تتوفاه رحمة الله في الطريق قبل الوصول !! حقيقة أنها صدمة لنا بأن يكون مستشفى المحافظة بهذا المستوى المهني والصحي المتدني !! أين دور الشؤون الصحية بالمنطقة أو أن الأمر لا يعنيها , والغريب أننا نسمع وفي كل سنة أن الدولة أعزها الله قد رصدت مئات المليارات لميزانية وزارة الصحة , ولم نسمع عن تطور في تلك الخدمات توازي تطلعات ولاة الأمر وفقهم الله.. أننا نوجه دعوة لوزير الصحة ولمدير عام الشؤون الصحية بالمنطقة للوقوف على وضع المستشفى المزري ليروا بأم أعينهم تلك الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين , فهي لا تستحق أن يُطلق عليها اسم مستشفى حيث يعتبر الداخل لها مفقود والخارج منها مولود (فالصحة هيّ أغلى ما يملكه الإنسان التي إن فُقدت سيُفقد معها كل جميل بالحياة) . . . يتبع عودة رنية من عالم النسيان إلى عالم الحياة (5) الأخطاء التي أدتّ إلى صنع هذه المفاجآت لنا متعددة وكثيرة لكننا متأكدين بأنّ كل خطأ من الممكن أنّ يُصحح ويُعدل قدّ يكون العمل على تصحيحها مضني ومُتعب ويحتاج إلى جهدٍ مضاعف لكن بالإرادة الحقيقية والرغبة الجادة والعمل الصادق ستصبح رنية زاهية كما يريد أهلها وستنفض عنها غبار التخبطات الإدارية والحكومية التي أوصلتها إلى هذا الواقع المؤلم. أكاد أجزم بأنّ دور أعضاء المجلس البلدي بالمحافظة مفقود ولم يؤدون الدور المطلوب والمأمول منهم والمنتظر من قبل الأهالي الذين هم السبب في وصولهم لكراسي المجلس البلدي عبر الترشيح والانتخاب ونعتقد أنهم قد خذلوهم وكان من الواجب عليهم المطالبة الدائمة بالمشاريع التنموية للمحافظة ومتابعة تنفيذها , وأن لا يسكتوا على التهاون أو التراخي في أداء الأجهزة الحكومية في المحافظة , وأنّ يقوموا بإيصال صوت الأهالي ومطالبهم لولاة الأمر حفظهم الله الذين لا يرضيهم ما يحدث في المحافظة من تقصيرٍ ونقصٍ في الخدمات , وأعتقد بأننا كزائرين لتلك المحافظة قد تشكلت لدينا القناعة بأنّ تلك الأجهزة الحكومية في المحافظة لن تقوم بدورها لا في الحاضر ولا في المستقبل إذا لم يتم متابعتها ومسائلتها عن أسباب التقصير في تأدية ماهو مطلوب منها تجاه قاطنيها وزائريها. ولكننا لن نفقد الأمل وكيف نفقده وهذه المحافظة تابعة إدارياً لمحافظة الطائف والتي تتبع حفيد من أحفاد الموحد وهو صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة والذي يديرها بكل احترافٍ واقتدار وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني حفظهم الله جميعاً ورعاهم , وسموه الكريم يعمل ليل نهار من أجل الرقي بجميع الخدمات المقدمة للمواطن في هذه المنطقة وإنجازاته في أبها البهية خير شاهد وليست ببعيدٍ عنّا لذا كلنا أمل في سموه الكريم بأن ينظر في نواقص واحتياجات أهالي تلك المحافظة والتي تمس حياة المواطن بشكل مباشر , ويصدر توجيهاته العاجلة والملزمة بتنفيذ هذه الاحتياجات على أرض الواقع ويحاسب سموه الكريم كل مقصر ومتهاون . ومحافظة رنية تستحق ذلك حيث قدمت الكثير من رجالها سنوات توحيد البلاد تحت قيادة المؤسس والموحد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته. محبكم / ابن ذيب الغلبا