كثيراً ما نسمع بين حين وآخر أن هناك عائلة تاهت في الصحراء، وأخرى ماتت عطشاً، كما تنشر وسائل الاعلام جثثاً متحللة في الصحراء، وأخباراً عن "طائرات البحث" تعثر على مفقودين أحياء أو أموات..هذه جملة من المآسي التي تشهدها صحاري المملكة، ومن بينها الصحراء الواقعة بين رنية وبيشة ووادي الدواسر، والتي وصفها الاستاذ فهيد بن عبدالله السبيعي أحد الباحثين أنها منطقة شاسعة، وتقع في الطرف الجنوبي الشرقي لامتداد إمارة مكة المكرمة، وتبعد عن مكة 500كم، وعن الرياض 630 كم، وعن الطائف 380كم، وعن بيشة 155كم، وعن وادي الدواسر 217كم، حيث تحولت تلك الصحراء الشاسعة إلى مقبرة لأبناء البادية والمتسللين والباحثين عن المادة من المهربين؛ ولها الكثير من المآسي التي لا يمكن أن تنسى وما يعرف عنها أن "الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود!".
وشكلت تلك الصحاري مصائد للبشر العابرين خلالها، حيث تلتهم لحومهم بشراسة، وتترك العظام دلالة على قسوتها بهم، ومن خلال التقارير الأمنية تبين أن عبور المتسللين القادمين من جنوب المملكة الذين يفدون من اليمن وإفريقيا واختيارهم هذه الصحراء التي تفتقر لمقومات الحياة لمواصلة سيرهم الى المدن المجاورة للصحراء؛ تسبب في هلاكهم بها عطشاً لعدم إدراكهم بمكامن الخطر فيها، وهذا ما أكدته التقارير الشرعية والجنائية مستبعدة أي شبهة جنائية تجاههم.
ولم تُترك تلك الصحاري بدون رقابة أمنية، ولكن ذلك كان محدوداً لقلة المراكز الأمنية في تلك الصحراء الشاسعة، ولعل الجهود الذي يبذلها (مركز حدا) التابع لمحافظة رنية -رغم قلة إمكانياته من الأفراد والآليات- من القبض على المهربين للعمالة المتخلفة، والتعرف على مواقع الكثير من الجثث هو مصدر اطمئنان للجميع، ولكن يرى الكثيرون أن التدفق الهائل من المتسللين يحتاج الى المزيد من المراكز الأمنية مدعومة بالآليات الحديثة والأفراد لوقف التسلل.
وعن الحلول التي يمكن من خلالها تفادي أخطار تلك الصحاري، قال "م. ناصر بن سعيد بن قطنان" انه يمكن للجهات المعنية التنسيق مع الاتصالات في طرح خدمة إضافية تتيح للمشتركين بالهواتف النقالة من الاتصال مع الآخرين عند انعدام تغطية شبكة الجوال، وذلك من خلال ربط هواتفهم بالأقمار الصناعية، وفق رسوم تتيحها الاتصالات، حيث إن ذلك يتيح للشخص التائه أو المتعثر بسيارته في الرمال طلب النجدة من أقاربه أو الجهات الأمنية.
ودعا "الشيخ محمد بن بداح بن فليان" إلى إيجاد نقاط أمنية من أمن الطرق والمجاهدين في الطرق المسفلتة التي تتخلل تلك الصحارى، حيث سيحد من المخاطر الناتجة لتسلل المخالفين والمهربين للعمالة، أو لأغراض أخرى، كما أن متابعة نقاط العبور في المدن بالشكل المطلوب سيحد من تقليص تلك الظاهرة.
كتبه سليمان السبيعي جريدة الرياض
العرض العادي
