وراء كل رجل عظيم امرأة ! ربما ! هنا مثال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين وصحابته الغر الميامين ، وبعد :
سجل لنا التاريخ بمداد من ذهب سير بعض عظماء الإسلام في شتى المجالات
وكان أحد أسباب دخولهم التاريخ من أوسع أبوابه نساء من خيرة النساء !
قد يكنّ أمهات أو زوجات أو حتى أخوات وبنات !
الأمثلة كثيرة جدا ، منها قصة امرأة صالحة ناصحة لزوجها
تسببت بمشورتها له أن ملكه الله سبحانه معظم جزيرة العرب ودان له أهلها طوعا وكرها
واستمر الملك في ذريته إلى يومنا هذا !
ذلكم هو الأمير الإمام محمد بن سعود رحمه الله رحمة واسعة
وتلكم المرأة الصالحة الناصحة هي زوجته موضي بنت وطبان !
والقصة هي أنه لما طرد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من العيينة متجها إلى الدرعية
نزل ببيت أحدهم ويقال له محمد بن سويلم العريني وكان من خيار أهلها
فعلم به الأمير محمد بن سعود عن طريق هذه الزوجة الصالحة
والتي أوصل لها بعض طلبة العلم خبر نزول الشيخ
وحثّوها رحمها الله على محادثة الأمير بشأن الشيخ وقال لها أحدهم :
أخبري محمدا بهذا الرجل ، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته
فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له :
أبشر بهذه الغنيمة العظيمة ! هذه غنيمة ساقها الله إليك
رجل داعية يدعو إلى دين الله ، ويدعو إلى كتاب الله
يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام
يا لها من غنيمة ! بادر بقبوله وبادر بنصرته ، ولا تقف في ذلك أبدا
فقبل الأمير مشورتها ، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه ؟!
فأشير عليه ويقال : إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين وقالوا له :
لا ينبغي أن تدعوه إليك ، بل ينبغي أن تقصده في منزله
وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير
فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه
فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم ، وقصده وسلم عليه وتحدث معه ، وقال له :
يا شيخ محمد ! أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة
فقال له الشيخ : وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة
هذا دين الله من نصره نصره الله ، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعا ،
فقال : يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله
ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على أعداء الإسلام
أن تبتغي غير أرضنا ، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى فقال : لا أبايعك على هذا . . .
أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبدا
فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده
ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله ، وتمت البيعة على ذلك .
كانت هذه البيعة المباركة النواة الأولى لقيام الدولة السعودية
والتي نتفيأ ظلالها والحمد لله إلى يومنا هذا ...
سقطت مرتين وقامت في الثالثة أقوى مما كانت
هلك أعداؤها وبقيت هي والدعوة السلفية
للشيخ محمد بن عبد الوهاب عالية منصورة وراية التوحيد فيها خفاقة
صورة مشرقة لبعض نساء المسلمين أقدمها لكم