منقول من جريدة الوطن
بخصوص "الدلاخة" والشعب العنيد!
محمد الرطيان*
أحياناً: "يْـتـَنّـك" المخ!..
أي: "يقفّل"!
أي: يُصاب بنوع نادر من أنواع "الدلاخة" التي لا تُعرف أسبابها العلمية على وجه الدقة.
فهناك من يقول: إن "الدلاخة" سببها بعض الأغذية المعلبة، والتي بعد أن تنفذ كمياتها من الأسواق ، يأتي "بيان" ليقول لك: إنها غير صالحة للاستهلاك البشري!
والبعض يقول: لا.. بل السبب هذه الأدوية التي نتناولها - نحن وأولادنا - منذ سنوات، ثم تأتي "وزارة الصحة" لتقول لنا: إنه ثبت بالدليل القاطع أن هذه الأدوية تُوقف الدم في المخ، وأنه سيتم سحبها من الأسواق.
وما هو "دليلكم القاطع" يا سادة؟.. طبعاً لم يكن البحث العلمي أو الرقابة (وإلا لما دخلت من الأساس).. بل الدليل القاطع هو "تقفيلة" مخ مواطن ما!
وهناك رأي يقول: إن "الدلاخة" سببها ذبذبات فضائية أتت من الفضاء الخارجي وذلك من خلال الثقب الذي أصاب طبقة الأوزون!
ولكن، يأتي من يناقض هذا الرأي، ويقول:
بل هي ذبذبات أرضية أتت من مؤشر سوق الأسهم السعودي، تصاحبها بعض الإشعاعات المتسربة من مصانع غسيل الأموال، ومشاريع توظيف الأموال... وصاحب هذا الرأي لا يخلو من "طفاقة"!.. فقد أثّرت عليه موجة "الدلاخة" السائدة .. فهو يُصر على أن يُنهي رأيه بقائمة طويلة من الأسماء.
(2)
وفي القاموس المحيط:
"استدلخ" الرجل: أي "لذع": أي "نسّم".
وأقصى مراحل "الدلاخة" هي "التتنيك"، فيقال: "تنّك" الرجل.
وفي اللغة، هنالك فرق شاسع بين "التتنيك" و"التكنيك" و"التكتيك"..
والمفردتان الأخيرتان - يا رعاكم الله - هما للأعاجم.. لهذا لا تستخدمهما العرب أبداً!
(3)
و"الدلاخة" ليست داءا ً لا يصيب سوى الغوغاء من العامة..
بل هي أحياناً تُصيب غيرهم، وتظهر أعراضها على قراراتهم
(4)
فكرت، وفكرت، حتى أصابني الصداع. وحاولت جاهدا أن أجد سبباً مقنعاً لهذه "الدلاخة".. ولكن ..
تذكّرت تلك اللوحة الإعلانية الكبيرة الموجودة على مدخل إحدى المدن السعودية، والتي تقول:
(لا تفكّر.. نحن نفكّر عنك).. فتوقفت عن التفكير.. وانتهى المقال!
* العنوان لـ "زياد الرحباني".. باستثناء "الدلاخة"!